البلقاء اليوم -السلط يا عموو .. ترى إحنا إللي صنعنا نصر الكرامة . كان معتلياً ظهر دبابته خلال مرورها من وادي شعيب في طريقها للمعركة فأخذ يُلّوح بيديه لعمه الحج زيدان وأقاربه مودعاً وهو يقول لهم (بخاطركو)، كان يُؤْمِن أنه ينطلق للشهادة لذلك كان يحارب العدو بقلب من حديد، قلة من أبناء هذا الجيل يعرفون عن البطل عبد المهدي محمود البقور ( أبو روحي )، هذا الجندي أحد أبطال معركة الكرامة كان آمر دبابة تملئ قلبه الشجاعة والبطولة إستطاع خلال ساعات من بدء المعركة تدمير دبابتين إسرائيليتين في منطقة الشونة قبل أن تصيب قذيفة معادية دبابته ويُصاب بجراح بليغة، في نفس المعركة كان أخيه المرحوم خليفة البقور يعمل على مدفع مضاد للطائرات لحماية طواقم المدفعية السادسة الرابضة في عيرا التي كانت تمطر حشود العدو بحممها، المدفعية التي قطع قائدها الاتصال مع قيادته حتى لا يتلقى أمراً بوقف الرماية والقصف .... كان والده يجلس في أطراف يرقا وعيناه تتابعان طلقات مدفع إبنه وهي تُشاغل طائرات الميراج والميستير الإسرائيلية وينادي عليه ( أبوي يا خليفة عندك إياهم ، يا أخو مشخص ) .... في الوقت الذي كانت فيه نساء عيرا ويرقا ينقلن صناديق الذخيرة للمدفعية السادسة عبر الأودية على الدواب لتجنب قصف سلاح الجو الصهيوني لها عند نقلها بالسيارات، إنهُن نفس النساء اللواتي كُن يُغنين يعني يرودن بالأعراس "بالقدس يرزي يا مدفع عيرا بالقدس يرزي" . وَمِمَّا يُذكر إنه قبل أشهر من معركة الكرامة وتحديداً في 1967/11/20 قصفت القوات الصهيونية منطقة الكرامة مما أدى إلى استشهاد 14 مواطناً وفي اليوم التالي إنتقمت القوات الاردنية بقصف القواعد الاسرائيلية على الضفة الغربية من النهر بالمدفعية ومدافع الدبابات وقام سلاح الجو الاسرائيلي بمهاجمة الدبابات الاردنية لإشغالها وإيقاف قصفها وأصيبت في القصف دبابة أبو روحي رحمه الله فخرج من دبابته مسرعاً وأخذ يملأ البوريه العسكرية بالتراب لإطفاء الحريق وبقيت آثار الحروق على يديه إضافة لشظية في وجهه من معركة الكرامة وسام شرف يفاخر بها حتى وفاته عام 2008، البطل أبو روحي البقور تم تكريمه بعقال وشماغ وبعد تقاعده لم يستلم أي منصب رفيع بل عمل مزارعاً في منطقة الأغوار وسائقاً على باص وتكسي أجرة بكل شرف حتى وفاته، وذات يوم مر بسيارته من جانب موقع احتفال الكرامة عند الجندي المجهول في طريقه إلى الغور فقام رقيب السير بمنعه من المرور بسبب الحفل فقال له أبو روحي (يا عمو .. ترى إحنا إللي صنعنا نصر الكرامة موش اللي قاعدين على الكراسي )، أبو روحي رحمه الله قاتل بصمت، وأعطب دبابات العدو بصمت، وغادرنا بصمت ولم يطمع بشئ من حطام الدنيا الزائلة لانه كان يعلم ان تكريمه وأجره عند الله عز وجل، رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه، لكم الخلود أيها الأبطال ، لكم المجد كله . د. عصام الغزاوي.
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع