البلقاء اليوم -
البلقاء اليوم -السلط تحية طيبة وبعد. سيدي المدير ارجو ان يتسع صدرك هذه المرة معتذرا منك سلفا لانني لم ادفع الفواتير المستحقة والتي تراكمت لاسباب لا تهمك بشيئ، الامر الذي دفع الفني المختص الى فصل التيار الكهربائي عن بيتي الصغير. ارجو ان لا تشغل نفسك بأمر اطفالي فقد نجحت في اقناعهم بضوء الشمعه البخيل كي نمضي ليلتنا لحين تدبر الامر مع سعادتكم واذا طال الامر حتما سنشعل شمعة أخرى وننتظر رحمة الله في عبادة واعدك انني ساقص عليهم مزيدا من الحكايات. سيدي المدير ارجو ان لا تكون قد شعرت بالضجر من سوء الخط، فانا الان اجلس وسط الظلام لا يكسره سوى شمعة تبوح بالقليل من الضوء اتقاسمه مع اطفالي، قلت لهم ان الشمع ايضا قد يمنحنا بعض الدفء وقد تساعدني ايضا في كتابة رسائل لبث اوجاعنا. سيدي المدير: ارجو ان تكون الان جالسا بجانب مدفأة فاخرة تحتسي قهوتك في غرفة دافئة مع اطفالك، وربما تطل على الشارع الخالي من الفقراء، فمنظرهم يثير الضجر اكثر من اثارة الشفقة. على اية حال لا تشغل نفسك بهم وارجو ان تستمتع بقهوتك، اعلم ان الجو بارد ،،، بارد جدا، نعم اشعر بذلك فالبرد ينخر في عظامي، ارجوك يا سيدي لا تخرج الان كي تبقى دافئا، في الحقيقة انا لم اغادر البيت واستمعت لنصيحة زوجتي ولكن في بيتنا لا فرق بين ان تكون هنا او في الخارج فالامر سيان، ارجو ان تنسى موضوع دفء الشمعة، هي كذبة قلتها لاطفالي. هل تصدق ان ضوء الشمع يمنح الدفء ؟؟؟؟ !!!!! سيدي المدير اقسم لك اني لم اقصد ان اتأخر عن الدفع، وقد اخبرت زوجتي بذلك ولكن الامر لم يكن بيدي، عندما صحوت من نومي وقررت ان اذهب لمكتبكم الموقر وجدت احد اطفالي يعاني من ذبحة صدرية اسعفته وانشغلت بالمستشفى مع فلذة كبدي لعدة ايام، الطبيب المختص قال ان كل ذلك حدث بسبب البرد. لا عليك يا سيادة المدير فالامر ليس مهما الى الحد الذي قد تشغل نفسك فيه، كنت ساخبرك اني عدت لاسدد ما بذمتي لشركة الكهرباء ولكني انفقت كل ما املك ثمن لعلاجي ولدي ،،، وقلت في نفسي انني سادفع حين استلام راتب الشهر القادم ... لن احتاج الى الة حاسبة لتوزيعه فانا احفظ الطريق عن ظهر فاقة. حسنا. راتبي لا يتجاوز ال 260 دينار سادفع منها مئة دينار اجرة منزل واسدد للبنك 100 دينار والباقي ساتقاسمه مع شركة الكهرباء وبائع الخضار ودكان الحي. وربما اترك ثمن خبز لاطفالي. لا ادري لماذا تورطت مع البنك، ولا ادري ان كان الامر سيبدو افضل فيما لو اني لم اتورط في ذلك، ولكن صاحب المنزل كان يريد ان يطردني لانني لم ادفع الاجرة لا عليك يا سيادة المدير، الامر ليس ايضا، سيدي المدير: اقسم لك اني لا اكذب. ولكني غاضب. غاضب جدا لان الرجل الذي الذي فصل التيار عن منزلي كان فض جدا، حتي انه صرخ في وجهي قائلا: اما أن تدفع واما ان افصل الكهرباء عن بيتك. في الحقيقة انا اشعر بالذنب ... اعترف لك بذلك با سيدي، فقد استهلكت كميات كبيرة من الكهرباء خلال الفترة الماضية، انت تعلم يا سيادة المدير ان فتح بيت عزاء لمدة اسبوع يحتاج الى انارة الكثير من اللمبات خاصة ان الميت هو ولدي الشهيد الذي استشهد على ابواب قلعة الكرك اثناء دفاعه عن الوطن ... لا تشغل نفسك يا سيدي بالامر، ولدي ايضا كان مخطأ، ولو كان حيا لطلبت منه ان يعتذر منك، فكيف له ان يموت شهيدا ويكلفنا اربعة ايام اضافية بدل من ثلاثة. لا ادري ان كان بامكانه ان يموت على شكل آخر؟! سيدي المدير ،، انت تعلم انني الان اجلس مع اطفالي حول شمعة توشك على الانتهاء وتعلم ايضا انني سانتظر لحين نهاية الشهر ... وشهر الفقراء طويل ،،، طويل جدا نعم ... انه طويل وربما أطول من مشروع الباص السريع واطول من مشروع المفاعل النووي واطول ايضا من جميع مشاريع الطاقة البديلة. سيدي المدير اقسم لك انني سادفع ما بذمتي لشركتكم الموقرة حين استلام راتبي اذا لم يصب احد ابناء بذبحة صدرية او الانفلونزا او الحمى. او ان يستشهد احدهم واضطر لفتح بيت عزاء جديد لمدة سبعة ايام. سيدي المدير الجو بارد نعم انه بارد جدا، ارجوك لا تغادر بيتك ،،، اما انا فالامر عندي سيان. فضوء الشمعة لا يمنح الدفء. بقلم / محمود الشمايله