البلقاء اليوم -
البلقاء اليوم -السلط
انتهت أربعينية الشتاء قبل أيام ، ودخلت الاردن في اجواء "خمسينية الشتاء” والتي استبشر الأردنيون في بدايتها خيراً بعد هطول الأمطار وتساقط الثلوج خلال آخر يوم من المربعانية للعام الحالي بعد أن انقضت معظم أيامها جافة وبالبرد وبلا شتاء. والخمسينية بحسب " الموروث الشعبي الاردني " تسمى بــ"السعود" ، والذي يقسم الى أجزاء ومسميات عديدة وهي " سعد الذابح، وسعد بلع، وسعد سعود، وسعد الخبايا" ، حيث ان لكل مسمى وقت و خصائص وسمات مختلفة عن غيره . الحاجة أم أحمد ، تحدثت في لقاء عن (برد الطويلين) او كما هو متعارف عليه السعود وعن سبب تسميته بهذا الاسم ، وخصائصه الجوية والمتعلقة بشدة البرد والدفء وبداية تبرعم الأشجار ، وكثير من الدلالات والاحاديث التراثية والتي لربما الكثير من ابناء اليوم لا يعلمها ، والذين اصبح اعتمادهم الرئيسي على الدخول الى مواقع الطقس المختلفة ومطالعة النشرات الجوية ، مقارنة مع الزمن الماضي ، وما عاشه اجدادنا في الاعتماد بالنظر الى السماء او لحركة الرياح وتساقط الامطار وتهيئة انفسهم وظروفهم لاستقبال فصل الشتاء والاستعداد للزراعة . تقول أم أحمد ، وهي في العقد السابع من عمرها ، انها لا تعتمد على ما يقوله ابناؤها او احفادها عن الحالة الجوية ، فهي ما زالت معتمدة على "الروزنامة المناخية الأردنية " ،كونها عايشت الفصول، وظواهرها، من شتاء ورياح ومطر وثلوج، وأيام المربعانية والخمسينية، والتشاريق، والتي في اغلبها "صحيحة" لمعرفة الحالة الجوية والتي قد تسود المنطقة ، وانها كثيراً ما تحدث أحفادها عن "السعود" وما يخبئ في خفاياه احوال جوية مختلفة . و توضح ، ان سبب تسمية هذه القترة بالسعود يعود الى رواية بان هناك شخصا يسمى سعد كان في طريقه للسفر، فنصحه أبوه أن يتزود بالفراء " وهي فروة جلد الخاروف والذي يكون عليه من شعر أو صوف الخاروف " ،وقليل من الحطب اتقاءً لبرد محتمل، لكنه لم يسمع نصيحة أبيه ظاناً أن الطقس لن يتغير كثيرا أثناء رحلته، حيث كان الطقس في ذلك الوقت دافئا" ، وما إن بلغ سعد منتصف الطريق إلى حيث يقصد "حتى تلبدت السماء بالغيوم وهبت ريح باردة وهطل مطر وثلج بغزارة، فلم يكن أمام سعد سوى ذبح ناقته وهو كل ما يملك فسمي لذبحه الناقة بـــ "سعد الذابح ". وتكمل أم أحمد ، ان ذبح سعد للناقة يعود لروايتين وهما السبب في تسمية سعد بـــ " البلع" بهذا الاسم : ان سعد ذبح الناقة للاختباء داخل احشائها من البرد القارس ، والرواية الثانية ان سعد وبعد ذبحه للناقة والاختباء بها ، بدأ يشعر بالجوع فلم يجد أمامه سوى أحشاء الجمل ولحمه للأكل، فابتلعها ، ولهذا سمي بــ "سعد البلع " . وتردف قائلة " وبعد أن هدأت العاصفة وسطعت الشمس، خرج سعد فرحاً من مخبئه "احشاء الجمل " ، حيث انه اعتبر "كما تقول الروايات" ان الحياة عادت اليه مجددا بسبب ذكائه، ولهذا سمي بــــ "سعد السعود "، وحرصا منه على متابعة طريقه دون مشاكل قام بصناعة معطف من وبر الناقة، وقاده عقله الى حفظ كمية من لحم الجمل المتبقي بما ورثه عن ذويه من طرق بدائية لحفظ الأطعمة ، وسمي بــ "سعد الخبايا". وتضيف ، ان فترة السعود تبدأ في الأول من شباط (فبراير) من كل عام، ومدتها 50 يوماً ،مقسمة على 4 اقسام " مدة" ، اي ان كل سعد مدته 12.5 يوم"، مبتدئة بسعد الذابح والذي بدأ في اليوم الاول من شهر شباط (فبراير) للعام الحالي ، وكما كان يقال عنه في الزمن القديم"ان سعد الذابح ما خلى ولا كلب نابح"، كدلالة على انه لم يبق كلاب في الخارج من شدة البرد ، وان اجوائه العامة تشهد البرد الشديد القارس ، وتصل درجات الحرارة دون الصفر المئوي ، وسيبقى هكذا حتى منتصف نهار اليوم الثالث عشر من الشهر ذاته ، مشيرةً الى انه ومن المحتمل بمشيئة الله ان تشهد هذه الفترة تساقطاً للأمطار والثلوج . وتكمل الحاجة ام احمد حديثها وتقول" ان بعد سعد الذابح يأتي ما يسمى بـ"سعد بلع"، والذي يرتبط للرواتين " كما تم ذكرهما مسبقاً " والتي من المرجح ان تسميته تعود الى اختباء سعد بالناقة لمدة 12.5 ، حيث ان فترته الزمنية تبدأ في النصف الثاني من 13 شباط (فبراير) وينتهي في 25 منه، مشيرةً على اقاويل الزمن الماضي انه "مهما أمطرت فإن الأرض تبتلع ماءها بسرعة" ، ومن اعتقاد آخر للتسمية بهذا الاسم عندما ابتلع سعد الاحشاء ولحم الجمل عند شعوره بالجوع ، وان الأرض في "سعد بلع” تبتلع كل المطر الساقط، فلا تظهر برك على سطح الأرض". وبعدها يأتي "سعد السعود” الذي يبدأ في 26 شباط (فبراير) وينتهي ظهر يوم 10 آذار (مارس)، لأن سعدا نجا فسعد، حيث يبدأ الدفء والحرارة، ولهذا كان يقال قي القديم "في سعد السعود بدور الدم في العود"، كدلالة على بدء تحرك الدم في شرايين سعد، بعد أن كان مُتجمداً من البرد ، وبالفعل يعتبر هذا المنطق صحيحاً ، حيث انه ومن جوانب الهندسة الزراعية تنتهي في أواخر شباط (فبراير) فترة سبات النبات الذي يبدأ في امتصاص الغذاء من التربة. وتنهي ام أحمد حديثها عن السعود بـــ "سعد الخبايا" ، اي عندما خرج سعد من مخبئه والتي تشير ان تسميته مرتبط بخروج جميع الحيوانات المختبئة من البرد، كالأفاعي والديدان وغيرها، فكما قال اجدادنا "سعد الخبايا تخرج فيه الحيايا " أي (الأفاعي) ، مبينةً ان هذه الفترة تمتد منذ العاشر من شباط (فبراير) ولغاية الثاني والعشرين من آذار (مارس)، ليجيء بعد السعود فعلياً فصل الربيع . وختمت الحاجة أم أحمد حديثها بترديد العديد من الأمثال الشعبية عن شهر شباط وتقلباته الجوية ومنها "شباط الخباط لن شبط ولن خبط ريحة الصيف فيه" و "شباط ما عليه رباط " وأيضاً شمس شباط بتخلي الراس زي المخباط "و "شباط جر العنزة بالرباط "