البلقاء اليوم ---السلط عدنان الروسان الدولة المدنية أو الدولة الحديثة ، دولة تعاقدية أي دولة قانون تكون السلطة فيها للشعب الذي يفوض هذه ط السلطة لطرف يتولى قيادة الدولة ضمن شروط تعاقدية بحيث يكون هذا الطرف خادما للشعب لا سيدا له و تكون السيادة للشعب مكرسة تكريسا كاملا حيث يتولى هو و من جيبه بدفع الضرائب ليتمكن الطرف المتعاقد الآخر من القيام بأعباء المسئولية الملقاة على عاتقه ، و ينتخب مجلسا تشريعيا رقابيا تكون مهمته الإنابة عن الشعب في التشريع و الرقابة ، و يكون للناس حق تشكيل الأحزاب السياسية التي تدير العملية السياسية و تساهم في تقنين و تأطير أفكار الناس ضمن أطر تعود بالخير و الفائدة على المجتمع كله ، و تساهم في خلق ماكينة للحكم تدير شؤون البلاد و العباد ضمن منظومة الحكم المتفق عليه في العقد الاجتماعي الشفهي أو المكتوب. و في الأردن من المفترض أننا دولة مدنية و أن الحكومات التي تحكم بتكليف من الملك ماهي إلا مجموعة من المكلفين الذين يقومون بخدمة الناس و تأمين احتياجات المواطنين و الوصول إلى أعلى مراتب الأمن الغذائي و المائي و الصحي و التعليمي وصولا إلى خلق منظومة كاملة من حزم الأمان تكفل أن يصل الناس إلى الأمن الاجتماعي و الأمن الوطني العام الشامل الذي يحقق العدالة الاجتماعية و تكون كل أطراف العقد الاجتماعي سعيدة بالإنجازات التي تحفز المجموع إلى الإبداع و الازدهار و التقدم . غير أن الواقع يشي بصراحة لا لبس فيها و لا غموض أن الأمر على غير ما يجب أن يكون عليه ، فالحكومة لا تتصرف كأنها طرف مكلف بل كونها طرفا آمرا ناهيا و ما على الشعب إلا أن يستجيب ، و حيث أننا نعلم جميعا الطريقة التي ينتخب بها مجلس الشعب أو مجلس النواب ' و التسمية والحق يقال صحيحة مائة بالمائة فمجلسنا ليس مجلس للشعب بل مجلس للنواب ' ، و الأحزاب عظم الله أجر الشعب الأردني فيها فهي جيف ميتة لا حياة فيها و يتقلب بين حيطانها و أطلالها زعماء منتهوا الصلاحية يبحثون عن دعوة للعشاء أو لقاء مع سفير أو رحلة مجانية أو مهرجان يمارسون فيه هواية الحديث عن السياسة ، الأحزاب ماتت ميتة شنيعة و إكرام الميت دفنه. حينما يرقص رئيس مجلس النواب فرحا بانتخابه و على أنغام الموسيقى و حوله الأحباب و الخلان يتبادلون معه القبل و التعبيط ، و حينما يقيم بعض الأعيان لأفراح و الليالي الملاح و يقدمون لشراب و الطعام احتفاء بتعيينهم في مجلس الأعيان ، و حينما لا يكون هناك رئيس وزراء واحد فقير أو من الطبقة المتوسطة و حينما لا يكون هناك إبن رئيس وزراء واحد أو ابنته ليس في مناصب عليا وزيرا أو سفيرا أو مديرا أو مليونيرا علمنا أن الدولة ليست مدنية بل دولة مدينة و هذا هو الواقع . لكن المحير في الأمر ... أين هي العشائر ؟! طبعا قبل أن يبدأ البعض في لشتم و الجلد ، نعلم أن الدولة المدنية تقوم على مبدأ المواطنة بعيدا عن العشيرة و النسب و الحسب و الشللية و الواسطة و المحسوبية ، ولكن يعوض ذلك مجلس نواب كما قلنا و أحزاب سياسية قوية فاعلة ، اثنان و سبعون حزبا بالله تقولو لي مجموع عدد أعضاء الأحزاب الإثنان و سبعون كلها ، هل تشكل خمسة بالمائة من عشيرة أردنية واحدة ، إذن لماذا نضحك على نفسنا ... لماذا لا تشكل العشائر الأردنية كلها وفدا فيه ممثل عن كل عشيرة و يذهبون لمقابلة الملك و أنا متأكد أنهم سيحصلون على موعد باليوم نفسه و يكون الوفد خال من المنافقين و الكذابين و الطامعين و الجبناء و السحيجة ، وفد يمثل لوجه الحقيقي للعشائر الأردنية من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب يذهبون إلى جلالة الملك و يقولون له : يا جلالة الملك لقد أمرت علينا حكومات جعلت حياتنا جحيما لا يطاق ، و قلبت سنواتنا من أعوام خير إلى سنين عجاف ، بعض هذه الحكومات أكلت اللحم و بعضها أذاب الشحم و أخرها يدق العظم ، إنها حكومات لا تجيد إلا فن خوزقت الشعب و تفتيشه بدقة مدهشة حتى لم يتركوا في جيوبنا شروى نقير. يا جلالة الملك من تكلفهم بالوزارة و القيادة و الخدمة العامة يأتون فقراء و يخرجون أغنياء ، يأتون و أولادهم أبناء تسعة و يخرجون و إذا أبنائهم يشابهون أبناء السلاطين و الملوك ، يأتون يحلفون بالله أنهم سيخدمون الأمة و ما يخدمون إلا أنفسهم و أنهم سيحافظون على الدستور و قد دمروا الدستور و أن يكونوا مخلصين للملك و لا يكونون مخلصين إلا لحساباتهم في البنوك الأوروبية و الكندية و الأمريكية. يا جلالة الملك نحن أبناء شعبك و قد تعبنا ، نحن الجنود و العسس ، و نحن الذين نحرث و ندرس لبطرس و بطرس هو الحكومة يا جلالة الملك ، لقد صرنا كحمار العرس للحطب و الماء و صار البرامكة الذين يحيطون بك يمنعوننا عنك و يمنعونك عنا ، و صرنا لا حول لنا و لا قوة بعد أن كنا عائلة واحدة كبيرة صرنا أيتاما على موائد الحكومات اللئيمة ، و صار أبناء الديناصورات هم المقربون و السابقون السابقون ، و صرنا نحن من نأكل من شجرة الزقوم ، زقوم الدولة التي جوعت شعبها و أدمت نفسها بينما الديناصورات مبتسمين يجولون العالم بالطائرات و يصرفون على عائلاتهم و خليلاتهم من جيوبنا بكل أنواع لعملات و حينما يشبعون و يحاول أحدن أن يحاسبهم يفرون من قسورة كأنهم حمر مستنفرة و يسجن منا من يحاسب و لو بعد حين و يبقى أبناء محفل البرامكة هو السيد المطاع و نبقى نحن لوقت الشدائد. يا جلالة الملك هل رأيت يوما إبنا أو بنتا لرئيس وزراء أردني يعمل بمهنة كما يعمل باقي الأردنيين ، أم أن جلهم إن لم يكن كلهم رؤساء وزارات و وزراء و أعيان و سفراء و مدراء و رواتبهم أعلى من رواتب رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية ، هل رأيت يوما ابنا لرئيس حكومة ليس معه ما يدرس به ابنه في الجامعة الأمريكية بينما أبناؤنا يا جلالة الملك يدرسون بعرق جبيننا و بدماء قلوبنا و في الأردن و يتخرجون ليجلسوا على طرف الرصيف يدخنون الأرجيلة المحترمون منهم أو المخدرات بانتظار دورهم للقفز من على جسر عبدون نحو النهاية المحتومة . يا جلالة الملك أتيناك بعد أن سدت السبل كلها أمامنا و انقطع رجاؤنا و أغلقت كل الأبواب في وجوهنا و إذ لم تجد لنا حلا و صرفة فسنخرج من عندك لنتوجه إلى ملك الملوك ، من لا يغلق بابه و لا ينقطع وصله و لا ترد عنده مظلمة و اعلم يا جلالة الملك أنه ' إذا جار الأمير و حاجباه و قاضي الأرض أسرف في القضاء ، فويل ثم ويل ثم ويل لقاضي الأرض من قاض السماء ' . لو ذهبت العشائر الأردنية إلى مثل هذا الاجتماع و بمثل هذا لخطاب أو ما يشبهه فإنني متأكد أن الملك لن يفشل عشائرنا الأردنية فهو أجل و أسمى من ذلك وحكمته فوق كل حكمه .
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع