البلقاء اليوم - البلقاء اليوم -السلط
قد لا يحتاج رئيس الوزراء الأردني الدكتور هاني الملقي لوقفة صعبة أو معقدة مع البرلمان وهو يخطب وده هذه الايام آملاً بالحصول على ثقة مجلس النواب لأن مغادرة محطة الثقة البرلمانية تؤهل وزارة الملقي تماماً للجولة الثانية المتعلقة بتنفيذ البرنامج الملكي المقترح علناً بعنوان «التعايش الواقعي» بين السلطتين ولأربع سنوات محتملة.
يلتقط الرسالة نفسها تماماً رئيس مجلس النواب عاطف طراونة الذي سيكون أول رئيس لمجلس التشريع يضمن جلوسه على مقعده لعامين كاملين بدلاً من دورة برلمانية واحدة كما كان ينص النظام قبل تعديله دستورياً العام الماضي.
يعني ذلك واقعياً ان الرجلين – نقصد طراونة والملقي- في وضع مريح عموماً قياساً بمن سبقهما فالأول سيبقى في موقعه دون منافسة لعامين وعلى الأرجح أن يضمن له ذلك الكثير من المناولات والمناورات السياسية التي تحفظ له الموقع نفسه في العامين اللاحقين والأخيرين من عمر البرلمان الحالي.
والثاني – أي الملقي- لديه تفويض ملكي مقيد بثقة البرلمان يمكن ان يبقي حكومته مستمرة لأربع سنوات ايضاً ما دامت قادرة على الاحتفاظ بثقة النواب والعلاقة تبدو مريحة بين الرئيسين وفقا لما يمكن رصده من وسائل الإعلام الرسمي وهو ما يؤشر عليه طراونة عملياً وهو يبلغ «القدس العربي» بأن لديه تصوراً شرحه مبكراً للملقي عن علاقة تشاركية تماماً بين السلطتين.
ثقة البرلمان مهمة تماماً للملقي ايضاً من جانبين خصوصاً إذا ما استقرت بالرغم من وجود معارضة إسلامية من الواضح أنها «غير معادية» لحكومة الملقي ويمكنها الالتقاء معها عند بعض النقاط لأن المطلوب المصلحة العامة والوطنية والتعاون في خدمة الوطن وليس المناكفة حسب القيادي في الحركة الإسلامية الشيخ مراد عضايلة الذي اعاد التحدث مع «القدس العربي» مؤخراً عن الوضع الحرج والحساس اقليمياً ودولياً ووطنياً والذي يحتاج لالتقاط الأنفاس ومناخ ثقة ووقف استهداف اصحاب الرأي الآخر والتنفيس والاسترخاء.
الجانب الأول الذي يجعل الثقة البرلمانية المستقرة محطة أساسية اليوم يتمثل في ان حكومة الملقي مقبلة ومتجهة على سلسلة مثيرة من القرارات الاقتصادية غير الشعبية الحادة تحت يافطة الإصلاح الاقتصادي. وفي اجتماع داخلي مع فريقه الوزاري شدد الملقي على التوجيه التالي: لا يمكننا فعل ذلك بجدية بدون التعاون مع النواب وإشراكهم في كل التفاصيل. وبناءً عليه طلب الملقي من فريقه الوزاري وضع اللجان البرلمانية بصورة التفاصيل والعمل على أساس الشراكة بالمسؤولية وليس على أساس الرقابة فقط.
الجانب الثاني له علاقة بحسابات أعمق في ذهن مطبخ الملقي فبعد العبور من معركة الثقة التي لا يتوقع ان تكون صعبة جداً بالرغم من الاتجاهات الإقتصادية والمالية الحكومية التي ستحرج النواب سيتمكن الملقي بعد الثقة من الانتقال لقراءة الصفحة التالية في كتاب حكومته بعد اكتساب الخبرة والعبور من عاصفة الثقة.
وهي عملياً صفحة التقدم ولأول مرة بالفريق الوزاري الذي يريده فعلاً ويمثل خياراته المباشرة. لذلك من المتوقع تدشين مرحلة الاستعداد لتغيير شكل وهوية وملامح الطاقم الوزاري الحالي عبر تعديل وزاري موسع جداً من المرجح ان تفعيلاته وتفصيلاته مستقرة الان في ذهن الرئيس لا بل لمح له في نقاشاته الجانبية مع الطراونة شريكه الجديد في قيادة المرحلة.
هدف التعديل الوزاري سيكون عندما يدخل حيز الاستحقاق مع بداية العام المقبل هو ضخ دماء جديدة في التحالف الواقعي مع مؤسسة مجلس النواب لإنجاح وإدامة برنامج الملك في التعايش الواقعي بين السلطتين.
وهنا تحديداً سيتمكن الملقي من التخلص من الوزراء المزعجين له أو الذين فرضتهم ظروف واعتبارات عابرة للحكومة وحتى من الوزراء الذين يشكل بقاؤهم عبئاً ثقيلاً امام الرأي العام وبالتالي امام البرلمان بما في ذلك الوزراء الذين أثيرت وستثار ضدهم مشكلات ذات طابع شعبي وإشكالي.