البلقاء اليوم -
البلقاء اليوم -السلط
فاز الملياردير الأميركي الشعبوي، دونالد ترامب، الذي لا يملك أي خبرة سياسية، اليوم الأربعاء، في الانتخابات الرئاسية، في زلزال سياسي غير مسبوق أغرق الولايات المتحدة والعالم في مرحلة غموض قصوى. وتعهد ترامب في خطاب ألقاه بعد فوزه بأنه سيكون رئيسا لكل الأميركيين، مؤكدا أن الولايات المتحدة تشعر "بالامتنان" لكلينتون على خدماتها. وأكد أن هيلاري كلينتون اتصلت به لتهنئته. وسجلت الأسواق تراجعا كبيرا بشكل تدريجي مع توارد المعلومات من وسائل الإعلام الأميركية عن نتائج هذه الأمسية الانتخابية الطويلة الاستثنائية. وبعد ثماني سنوات على انتخاب باراك أوباما أول رئيس أسود، الذي أثار موجة آمال كبرى في جميع أنحاء البلاد، فاز المرشح الجمهوري الشعبوي (70 عاما) الذي طالته فضائح جنسية ويعبر عن مواقف معادية للأجانب، على الديموقراطية هيلاري كلينتون التي كانت تأمل في أن تصبح أول امرأة تتولى الرئاسة في الولايات المتحدة. وقام بحملة انتخابية على أساس أنه دخيل على السياسة مصمم على مكافحة فساد النخب السياسية في واشنطن التي "استنزفت البلاد". ووعد بأن يعيد "إلى أميركا عظمتها" شعاره الثابت وحمايتها من الخارج. وهذا الملياردير الذي لا يمكن توقع سلوكه، كان وعد الاثنين بنتيجة "أقوى من بريكست بثلاث مرات" في إشارة إلى المفاجأة التي فجرها تصويت البريطانيين لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي في حزيران (يونيو) الماضي. وطوال حملته حاول استمالة قاعدة ناخبة متواضعة تشعر بأنها مهمشة لمواجهة العولمة والتغيرات الديموغرافية، معتبرا أنها ترسم مستقبلا قاتما. وفوزه أحدث صدمة في ختام حملة انتخابية حادة استمرت 18 شهرا وأدت إلى انقسام شديد في الولايات المتحدة وفاجأت العالم بمدى ابتذالها وضرواتها. ويرى أكثر من 60% من الأميركيين أن دونالد ترامب لا يتمتع بالطبع المناسب لكي يصبح رئيسا، لكنه نجح في الاستفادة من غضب وقلق قسم من الأميركيين. وتبقى اقتراحاته غامضة في عدد من الملفات مثل السياسة الخارجية. كما أنها تثير القلق في ملفات أخرى مثل الاقتصاد. وفي وقت مبكر اليوم، اعتبر فريق حملة كلينتون أن النتائج لا تزال غير محسومة. وقال مدير حملتها جون بوديستا أمام آلاف من أنصارها بأنها لن تلقي كلمة في وقت لاحق. وأكد ترامب في كلمته أنه سيتعامل مع كل الدول بنزاهة. وسارع الاتحاد الأوروبي إلى التاكيد أنه سيواصل العمل مع الولايات المتحدة بعد انتخاب ترامب. وقبل إعلان الفوز، وجهت زعيمة الجبهة الوطنية الفرنسية مارين لوبن التهاني لترامب "والشعب الأميركي الحر". وأدى احتمال فوز ترامب بالرئاسة إلى هزة قوية في الأسواق حيث تراجع الدولار فيما سارع المستثمرون إلى اللجوء للذهب وسندات الخزينة التي تعتبر أقل مجازفة. وسادت حالة من الهلع أسواق المال بينما تراجع سعر الدولار والبيزو المكسيكي حتى قبل إعلان فوز ترامب. وقال المحلل لدى مجموعة "اواندا" كريغ ايلام "انها مقبرة في الأسواق مع اقتراب ترامب من البيت الابيض". وطوال الأمسية الانتخابية كانت الطريق إلى البيت الأبيض تضيق أمام هيلاري كلينتون رغم أنها كانت تعتبر الأوفر حظا بالفوز في استطلاعات الرأي. وإلى جانب فلوريدا وكارولاينا الشمالية وأوهايو، فاز بولايتين حاسمتين أخريين مساء الثلاثاء. وفي مؤشر إلى أن الثقة في معسكر ترامب كبيرة جدا، وضع قطب العقارات في تغريدة على تويتر صورة له مع مرشحه لمنصب نائب الرئيس نايك بنس وفريقه وعائلته وهم يتابعون النتائج من برج ترامب الكبير في مانهاتن. وقبل إعلان النتائج، قال بريندون بينا (22 عاما) المؤيد لترامب في فندق في نيويورك سيجري الاحتفال فيه، "كنت واثقا من الفوز وأعتقد أن دونالد ترامب رجل ذكي جدا". من جهته، صرح غلين روتي (54 عاما) "غير معقول! أعتقد أنه سيذهب حتى النهاية". وأضاف أن "البلاد تريد التغيير". في المقابل ساد الذهول والصدمة لدى أنصار كلينتون. وسيغادر باراك أوباما البيت الأبيض في 20 كانون الثاني (يناير) بعد ثماني سنوات في السلطة. وكان انتخاب أوباما في العام 2008 أثار آمالا ببلاد متحدة أكثر، لكن حملة العام 2016 أحدثت انقساما شديدا. وينبغي أن يتجاوز المرشح عتبة الـ270 من المندوبين الكبار لينتخب رئيسا لأكبر قوة في العالم. وحتى الآن حصل ترامب على أصوات 245 من أصوات كبار الناخبين مقابل 215 لكلينتون بحسب إحصاء لوكالة الصحافة الفرنسية. وكانت كلينتون تراهن على الأقليات وشريحة الشباب والناخبين البيض الحائزين شهادات جامعية والنساء اللواتي يشكلن غالبية قاعدتها الناخبة (حوالى 52% خلال انتخابات رئاسية سابقة). وهيلاري كلينتون التي كانت سيدة أولى سابقا وعضوا في مجلس الشيوخ ثم وزيرة للخارجية الأميركية كانت متواجدة على الساحة السياسية لفترة طويلة، لكنها شخصيتها لا تثير حماسة كبرى. وكانت الحملة اتسمت بعنف غير مسبوق وشهدت تبادل هجمات شخصية، أثارت شعورا بالمرارة في بلد منقسم أكثر من أي وقت مضى، وعززت فقدان ثقة الأميركيين في طبقتهم السياسية. وأفادت وسائل إعلام أميركية أن الجمهوريين احتفظوا بالأغلبية في مجلس الشيوخ ويسيطرون على كل الكونغرس. وشملت انتخابات الثلاثاء أيضا تجديد 34 مقعدا من أصل مائة في مجلس الشيوخ وكل مقاعد مجلس النواب فيما يبدو أن الجمهوريين يتجهون للاحتفاظ بالغالبية فيهما. وتصوت 12 من الولايات الخمسين أيضا لانتخاب حكام جدد كما تنظم عشرات عمليات الاستفتاء المحلية حول مسائل تتفاوت بين تشريع استخدام الماريجوانا وإلغاء عقوبة الإعدام.