البلقاء اليوم -
تتواصل ردود الفعل الساخطة، على حادثة التحرش الجماعي، بفتاتين في شارع جامعة اليرموك بمدينة إربد، ليل الأحد الاثنين الماضيين، بعد انتهاء مباراة نهائي كأس العالم بين المنتخبين الألماني والأرجنتيني، خاصة مع استمرار تناقل ناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي لمقطع فيديو، يظهر فيه مئات الشبان، وهم يلاحقون الفتاتين. واعتبر مواطنون وناشطون في مجال حقوق المرأة أن هذا السلوك "غريب” على المجتمع الاردني، المعروف بالتزامه بالقيم والعادات، مؤكدين ضرورة تشديد العقوبات على مرتكبي هذا السلوك المشين. ويروي صاحب محل تجاري في الشارع، الذي وقعت فيه الحادثة، تفاصيل هروب الفتاتين إلى محله، والاختباء فيه، مؤكدا أن الفتاتين دخلتا محله، وهما تركضان، وقد بدت عليهما علامات الرعب والفزع، حيث طلبتا منه وهما تصرخان المساعدة على الاختباء، مشيرا الى انه اخبر دورية أمنية، تصادف مرورها من امام باب المحل، بالحادثة وبحالة الفتاتين. ويضيف انه شاهد أفراد الدورية بعد ذلك، وقد تمكنوا من إلقاء القبض على عدد من الشبان، وتحميلهم في سيارة الشرطة، مشيرا إلى أن أفراد الدورية امنوا الفتاتين بسيارة "تاكسي”، حيث غادرتا المكان. وأشار صاحب المحل، الذي طلب عدم نشر اسمه، إلى أن لباس الفتاتين كان عاديا جدا (بنطال وتي شيرت) وليس مثيرا، حتى يقوم المئات من الشبان بملاحقتهما، بهذه الطريقة اللاخلاقية. ويشير إلى أن غالبية طالبات الجامعة يرتدين ذات الملابس. ولا يجد صاحب المحل من سبب يدفع الشبان المتحرشين الى فعل ما قاموا به، "غير توفر ظروف استغلال وجود فتاتين في الشارع وبساعة متأخرة من الليل، بالتزامن مع وجود المئات من الشبان في الشارع، بعد الانتهاء من المباراة النهائية لكأس العالم”. ويؤكد أن الفتاتين لم تتعرضا لأي أذى جسدي، باستثناء إصابتهن بالهلع والرعب والارتباك. فيما يقول صاحب محل تجاري آخر في ذات الشارع أن الفتاتين كانتا تتابعان المبارة النهائية لكأس العالم في أحد محال "الكوفي شوب”، وكانتا جالستين بالقرب من نافذة الكوفي الذي يقع في طابق علوي، ومكشوف للجميع في الشارع، بالتزامن مع تجمهر المئات من الشبان الذين يقومون بحضور المباراة عند دوار الجامعة. ويتابع أن الشبان وبعد انتهاء المباراة وخروجهم من محال "الكوفي شوبات” تجمعوا عند دوار الجامعة، بالتزامن مع وقفة احتجاجية كانت على الدوار، دعما لأهل غزة ضد العدوان الإسرائيلي، مشيرا إلى أن الفتاتين اضطرتا للمرور من وسط التجمع الشبابي، الذي كان يغلق الشارع. ويزيد أنه وأثناء ذلك قام العشرات من الشبان بمعاكستهما بألفاظ مسيئة، فيما عمد آخرون إلى ملاحقتهما وتصويرهما بواسطة الهواتف الخلوية، إلا أنهما تمكنتا من الفرار إلى أحد المحال التجارية وبعدها غادر الشبان المكان. ويضيف صاحب محل آخر، إلى أن الشبان لاحقوا الفتاتين لمسافة تزيد على 500 متر، حتى تمكنتا من الدخول إلى أحد المحال التجارية. ويتابع أن تأخر الوقت إلى ما بعد الساعة الواحدة ليلا، وعدم وجود فتيات في الشارع، دفع الشبان إلى محاولة التحرش الجنسي بهما، مشيرا إلى أنهما تمكنتا من الفرار بسرعة من المكان، بمساعدة شبان آخرين عملوا على تأمين دخولهما للمحل. ويؤكد أنه يعمل في هذا الشارع منذ ما يقارب الـ10 سنوات، وانه لم ير فيه أي حالة مشابهة لتحرش جماعي. ويضيف أن الشارع كان مزدحما بمئات الشبان وعشرات المركبات، وبالتالي فإن أي دورية أمنية بحاجة إلى أكثر من نصف ساعة، للدخول إلى المكان، مشيرا الى مشاهدته عددا من الدوريات الأمنية قد حضرت إلى المكان. ويتخوف رئيس جمعية حماية الأسرة والطفولة كاظم الكفيري من أن يصبح التحرش الجنسي ظاهرة في المجتمع، مؤكدا أن "اللباس ليس مبررا لقيام شبان بممارسة التحرش التي هي بعيدة عن عاداتنا وتقاليدنا”. ويضيف أن الجمعية أطلقت مؤخرا على موقع التواصل الاجتماعي حملة تحذر من انتشار ظاهرة التحرش الجنسي، مشيرا إلى أن الجمعية تتلقى معلومات حول انتشار الظاهرة في الجامعات وحافلات النقل العام والشوارع. ويرى الكفيري أن التحرش لا علاقة له بلباس الفتاة، "بقدر ما هو مرض اجتماعي” عند المتحرش، لافتا إلى أن الجمعية تلقت شكوى مؤخرا بقيام شخص بالتحرش الجنسي بفتاة منقبة. فيما يقول أستاذ علم اجتماع المشارك في جامعة مؤتة حسين محادين أن الدراسات العلمية تشير إلى أن السلوك الجمعي أو الحشود غير المنظمة، إنما تصاب بحالة من الغرور، يمكن أن تدفع هذه الحشود المتدحرجة إلى اقتراف سلوكيات مخالفة للقيم والأخلاق العامة، إضافة إلى قيام تلك الحشود بسلوكيات تحطيمية لإحساسها بالغرور وذوبان العقل الناقد للأفراد، الذي يذوبون في هذه الحشود المتدحرجة. ويرى أن تلك الحشود التي أقدمت على محاولة التحرش "غابت عنها المعايير الأخلاقية، وتحولت إلى أشخاص متحرشين”. أما رئيسة جمعية الأسرة البيضاء في إربد فايزة الزعبي فترفض تلك التصرفات، التي تعتبرها "طارئة على إربد المعروفة بالتزامها بالقيم والعادات”، مؤكدة انه لا يجوز بأي حال من الأحوال وبغض النظر عن اللباس أن تتعرض الفتيات للتحرش الجنسي. وطالبت بضرورة تشديد العقوبات على مرتكبي التحرش، أن تكون الضابطة العدلية لرجل الأمن في مثل تلك القضايا، وخصوصا أن الفتاة لا يمكنها أن تقوم بتقديم شكوى أمنية للمركز الأمني وملاحقة الفاعل بالمحاكم. أما المحامي حاتم بني حمد فيؤكد أن المشكلة ليست بقانون العقوبات، الذي ينص على ان كل من ارتكب فعلا منافيا للحياء، ومن ضمنها التحرش، يعاقب بالحبس لمدة 3 شهور، وبغرامة مالية 50 دينارا، بقدر ما أن المشكلة، تكمن في عدم وجود وعي ثقافي واجتماعي بخطورة تلك الظاهرة. وقال بني حمد انه من الصعب إثبات حالة التحرش في الشارع، أو بالجامعات، وخصوصا أن غالبية الفتيات، يمتنعن عن ملاحقة المتحرشين قضائيا، خوفا على سمعتهن، مؤكدا أهمية أن يكون هناك حملات توعوية أفضل، وتغليظ العقوبة.. الغد