هزاع الذنيبات …الرجل الذي يحب عمله.... بقلم الاستاذ مطلب العبادي البلقاء اليوم -السلط في السبعينات عندما كنا في معهد عمان نهبط وسط البلد بين الفينة والأخرى وبالتحديد صوب إشارة ما يسمى رأس العين ، لنشاهد رجلا في وسط مفترق الطريق ، يتحرك يمنة ويسرة ويلتف حول نفسه كـ(الزنبرك) ، رجل لوحت وجنتيه الشمس ، عليه ملامح أهل الجنوب (المملوحة) اللطيفة ، يتصرف بحماس المثقف المتمرس الراضع من أرقى مخطوطات وقراطيس الحضارة والمدنية ، التي تحترم العمل وتحث عليه ، رجل يتمثل القول الرسولي العظيم ( إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه )… يترك عمله في الثمانينات ليعود إليه بعد الألفين في رغبة جامحة منه ليمارس نشاطه من جديد على مفترقات طرق عمان ، كإشارة ضوئية بشرية مغذاة ومزودة بكريات دم ونسيج عضلات أنعشها الزمن ، لرجل تجاوز الستين من عمره ، رجل يُقدس عمله ويحبه حبا جما .. ولاتساع نطاق السير بالإشارات الضوئية ، واستخدام الجسور والأنفاق ، قل تدخل البشر في المرور ، وقلت مشاهدتنا لهزاع الذنيبات ، حتى شاهدناه مؤخرا في إحدى المحطات الفضائية بشاربه الجميل وبوجهه النحيل ، وقد ظهرت عليه تعرجات الزمن ، ومازال بعنفوانه وحماسة ووطنيته وطيبته ، يجيب أسئلة المذيعة بفطرة وعفوية نادرة ،ويمثل حركاته بصدق ، لم يجامل مؤسسته وزملاء مهنته الذين يتنافسون أحيانا في ملء دفاتر المخالفات ليعودوا إلى رؤسائهم مرفوعي الرأس ، في غلة جمعوها بحق وبغير حق ، ولم يتحسس هزاع حرجا من قوله أنه حرر مخالفة واحدة في حياته العملية التي تجاوزت الأربعين عاما ، ديدنه في ذلك أن العقوبات المادية تعطي مردودا سلبيا . لماذا أنت مميز يا هزاع ؟؟، لو كان أمثالك كُثر ما عرفك الناس ، الإحساس بالمسؤولية لديك جعلتك فذا نادرا محبوبا ، إن من يحبوك في داخلهم شيئا منك ، ولكن ضعفهم وسوء ثقافتهم ، وهزيمتهم من الواقع الذي يعيشونه ، أو الذي فُرض عليهم ربما حال دون أن يكونوا مثلك . إن أي موقع في هذا الوطن بحاجة إلى عدد كبير مثل هزاع ، ليس بالضرورة رجال سير ومرور، ليرفدوا الوطن بأداءات و مهارات ومخرجات في كل المهن والأعمال تعود بالنهضة والرفعة والازدهار ، إن المتميز لا يصنع بمفرده شيئا ، ليس باستطاعته التغيير والتطوير الإيجابي المنشود وحده ، لكنك يا هزاع خطوة للأمام ، وقدوة سيكون بعدها الكثير بإذن الله . يرحمك الله يا هزاع الذنيبات ، الشاب الكهل ، الصادق المخلص الأمين ، يرحمك ويبدلك دارا خيرا من دارك ، وأهلا خيرا من أهلك ، وجيرانا خيرا من جيرانك ، ويجعلك نقيا من الذنوب كما الثوب الابيض الخالي من الدنس ، إنه سميع مجيب . مطلب العبادي 28 /6 / 2016
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع