الله يسامحك يا البلاستيك . بقلم علاء الريالات البلقاء اليوم -السلط ذكرياتنا وما اجمل تلك الكلمة , كلمة تتراكض بداخل العقول لترسم الابتسامة على شفاه كل من تأتيه نسائم تلك الكلمة . ولكن ماذا لو تحول مفهوم تلك الكلمة الجميلة الى معنى أخر , ماذا لو أصبحت كلمة الذكرى السعيدة ألم , وحزن ولوم , أو اصبحت بمعنى الحسافة . اليوم كنت على موعد لزيارة احد المناطق الشعبية في إحدى أزقة العاصمة عمان , وبينما نحن هناك قام صديقي بركن سيارته ليبتاع حاجة له من السوبر ماركت بلغتنا المتحضرة (الدكان ) بلغة الماضي الجميل , كانت مده التوقف لا تزيد عن ثلاث دقائق , لكن تلك اللحظات القليلة كانت كافيه لتشعل براكين الذكريات في عقلي , فحين رأيت ذلك الطفل البريء وهو يحمل صحن الحمص بيده وبجانبه أخته الصغيرة تحمل كيس الفلافل ويمضيان بلهفه البراءة للمنزل , تذكرت طفولتي وابتسمت , ثم نظرت حولي لأندهش بأن جميع اطفال ذلك الحي يفعلون نفس الفعل . بالحقيقة كانت لحظات لا توصف , الابتسامة على وجهي , والذكريات تتراكض بعقلي , وأحاسيس كثيره لا استطيع وصفها , ولكن سرعان ما انقلبت تلك المشاعر الى حزن , والم , فحينما أدركت ان تلك العادة قد انقرضت بمنطقتي بل بأغلب مناطق وطننا الغالي . اننا وبكل أسف اصبحنا نتبع دروب الحضارة والإتيكيت , أصبحنا نبتاع طبقنا الشعبي بأكياس وعلب لسيما تفقده طعمه المميز له , كما انه حرمت اطفالنا من متعة حمل صحن الحمص , والاستمتاع بعطلتهم مع أهاليهم , حرمتهم من تلك العاده الاولى لتعلم التعود على حمل المسؤولية . نعم كان صحن الحمص سابقا الخطوة الاولى لتحمل المسؤولية , كانت تلك المهمة من واجبات الطفل وليس رب الأسرة وبحمله كان يتعلم كيف يصل به الى المنزل بسلامة , وانهاء مهمته على أكمل وجه , فلا تستغرب من تلك الحقيقة الصغيرة التي تحمل بأجوافها حكم وأهدافا كبيره . نعم يا صديقي ثلاث دقائق كانت كافية لكل هذا , كانت كافيه لتحول الذكرى الى ألم , كانت كافيه لألوم نفسي وألوم كل من حولي, لإبعاد أطفالنا عن عادتنا واتبعنا عصر التحضر كانت كافيه لتذكر لذة طعم الحمص التي حرمنا منها , كانت كافية ليأتي صديقي ويراني أصرخ وأقول : الله يسامحك يا البلاستيك .... الله يسامحك يا البلاستيك ... الله يسامحك يا البلاستيك ...
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع