البلقاء اليوم -
صحيفة البلقاء اليوم الالكترونية معاذ عصفور
النص الكامل لمحاضرة دوله الدكتور معروف البخيت في احتفال تجمع البلقاء للمتقاعدين العسكريين بمناسبه عيد الاستقلال في قاعة محافظة البلقاء
الدكتور معروف البخيت
أيها الحضور الكريم
أولاً:
لقد كان الأردن وما يزال، وبكل المقاييس، من دول القلب في النظام العربي. ومفهوم القلب أو المركز هنا، يشير إلى الدول التي تمثل محور التفاعلات السياسية في النظام الإقليمي والتي تشارك وتساهم في التفاعلات التي تحدد طبيعة المناخ السياسي الذي يسود المنطقة العربية. ولما كان الصراع العربي الإسرائيلي في العقود التسعه الماضية أهم ما واجه العرب من تحديات، وبحكم موقع الأردن، ومبادئه ونهجه السياسي، فقد كان دورُه مركزياً، إذ شارك بفعالية وبكثافة في تفاعلات الدول العربية.
ثانياً:
ان أي قارئٍ منصف لتاريخ مسيرة الثورة العربية الكبرى، ومرحلة إنشاء أول حكومة أردنية على يد الملك المؤسس، الأمير حينذاك، في 11/4/1921، سوف يصل إلى استنتاج، لا بل قناعة، بأن الأردن كان تجسيداً عملياً للحلم العربي بالوحدة والحرية والحياة الأفضل: الذي يشكل رسالة النهضة العربية الكبرى ولقد أملت الظروف والتوازنات الدولية في تلك الفترة القبول بالممكن. وبنفاذ بصيرة القيادة، التي ارتأت إنقاذ هذه الرقعة من الضياع في المخططات الاستعمارية حينذاك، فقد أمكن المحافظة على الأردن، واعتباره عتبه انطلاق للحلم الأكبر ( وبالتعبير العسكري رأس جسر ). والادله على صواب هذه القناعة عديدة، واكتفي هنا بالإشارة إلى بيان الأمير عبدالله الشهير في 5/12/1920 بُعيدَ وصوله إلى معان، والذي صرح فيه ضمناً عن الهدف من دخوله إلى شرق الأردن، حيث قـال (( ليعلم من أراد أهانتكم وابتزاز أموالكم وإهانة علمكم واستصغار كبرائكم، إن العرب كالجسم الواحد. ليعلم أبناء سوريا أن هؤلأ المعتدين عدوكم وأنكم من جملة من أدخلوهم تحت عار استعمارهم ووضعوهم في مصاف الزنوج والبرابرة. كيف ترضون بأن تكون العاصمة الأموية مستعمره فرنسية)). فاستنهاض الأمير عبدالله لعروبة أبناء سوريا، لتؤكد بشكل قاطع على إن الأردن لم يكن إلا مرحله تكون منطلقاً للاستمرار في المشروع النهضوي العربي. ولست هنا بحاجة للتذكير بتشكيل أول حكومة أردنيه برئاسة رشيد طليع وكان فيها 4 سوريين وواحد حجازي وواحد فلسطيني وواحد أردني. وكذلك الاحتفاظ بشعار الجيش العربي إلى اليوم.
ثالثاً :
لقد كان للدور الأردني في الإصرار بعناد والمثابرة في الطلب إلى القوى الكبرى حينئذ، وبشكل خاص بريطانيا، بضرورة دعم وتأييد فكرة وحدة الدولة العربية، الأثر الهام في استجابة هذه الدول، وان جاءت بشكل اقل من مستوى الطموح. فقد باشرت الحكومة البريطانية بتعديل سياساتها في المنطقة، والموافقة على دعم قيام أي تنظيم إقليمي تعاوني يجمع شمل الدول العربية في منظمة واحده. وكان هذا بكل تأكيد، اقل من مستوى طموح الوحدويين، وعلى رأسهم الملك الشهيد المؤسس.
ولم يكن القبول بهذا التراجع في الأهداف نتيجة مقاومة الحكومة البريطانية أقلُ ايلاماً من التراجع الآخر، على يدي الدول العربية. فأثناء مداولات اللجنة التحضيرية للمؤتمر العربي في 25/9/1944، تبنى الأردن، وبدعم من العراق وسوريا، فكرة اقامة شكل اتحادي من شأنه قيام سلطة مستقلة تكون أعلى من سلطات الدول الأعضاء. ولم تنجح المحاولة، أمام هاجس السيادة لدى الدول الأخرى الأربعة من أصل سبعة، والنتيجة كانت إقرار شكل تنظيمي يسمح بالتعاون والتنسيق بين الدول الأعضاء فيه، وبما يكفل المحافظة على سيادة واستقلال هذه الدول. وهكذا، وضد قناعته، وهو العضو المؤسس، ارتضى الأردن صيغة الجامعة بالشكل الذي ظهرت فيه، وقبل بها تمسكاً بالحد الأدنى للتضامن العربي، رغم معرفته المسبقة بأنها ستكون وليداً مشوهاً وغير قادر على الحركة.
ايها الأخوات والإخوة
ايها الأخوات والإخوة
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
3/6/2014