البلقاء اليوم -
البلقاء اليوم -السلط
تجنب العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني لذكر مفردة «مخيم» خلال لقائه قبل ثلاثة أيام نخبة من ممثلي وأهالي مخيمات اللاجئين الفلسطينيين كان من العلامات اللافتة في الخطاب والمناسبة، خصوصا ان ملك الأردن خاطب الحاضرين بصفتهم «جزءا فاعلا من شعبه ومواطنيه». الرسالة هنا ايضا كانت واضحة الملامح، فيما يغادر الخطاب الملكي الأردني التصنيفات المستعملة في الإعلام والمستويات السياسية للفئات والمكونات الاجتماعية، ويتم ترسيم لقاء المخيمات في ظل تلميحات ملكية مباشرة إلى ان اللقاء يأتي ضمن سلسلة اللقاءات الشعبية والاجتماعية للتفاعل بين القصر الملكي والأطراف وجميع مكونات المجتمع. خلافا لمرات سابقة حظي السياق الخدماتي في اللقاء مع أهالي المخيمات وقياداتها بالمساحة الأقل من التفاعل مع الملك، وتقدم بعض المتحدثين المتفق عليهم، خصوصا من أكبر مخيم للاجئين في العالم وهو مخيم البقعة، غرب العاصمة عمان، بخطاب سياسي بامتياز. عاهل الأردن سمع مباشرة من الناشط في البقعة عدنان الأسمر حديثا مباشرا في إصرار المكون المخيماتي الأردني على «حق العودة» وعدم التفريط بأي شبر من فلسطين مع أدبيات وخطابات تعكس طموح العودة والتمسك بها. في الأثناء، وفيما كان ملك الأردن يتحدث عن الإصلاح السياسي وقانون الانتخاب، لم تتطرق خطابات رموز المخيمات للمطالبة بحصة من الخارطة السياسية في الأردن وجرعة التركيز كانت كبيرة جدا على مسألتين حسب شهود عيان تحدثوا لـ «القدس العربي»: الحرص الشديد على أمن الأردن ومصالحه الحيوية والأساسية أولا والتشديد على الأيمان بدور الهاشميين في الحفاظ على استقرار الأردن ودعم الشعب الفلسطيني ثانيا. في الأثناء، رددت قصائد شعرية وبرزت وصلات معتادة في مثل هذه اللقاءات من خطابات المجاملة ومبايعات الولاء والانتماء اللفظية، وحرص المنظمون على ترسيم حدود التفاعل وعدم إنفلات أي تفاصيل، كما يحصل دوما، وأمر الملك رئيس ديوانه الملكي الدكتور فايز طراونة باستعراض المشاريع الخدماتية التي يدعمها القصر لأهالي وسكان المخيمات. بعد الاستماع باهتمام ملكي للمتحدثين، من ممثلي المكون المخيماتي في الأردن، التقط الخبراء الرسالة التي تردد أنها الأهم سياسيا في الخطاب الملكي، عندما أظهر الملك حرصه الشديد على متانة الجبهة الداخلية والالتزام بهيبة القانون مطالبا بالانتباه لـ «تأثير الأحداث الإقليمية» وملمحا لضرورة التحوط لما يحصل في الإقليم خارج حدود الوطن الأردني. الإشارة هنا كانت معومة، وقد تقصد أحداث العنف وانعكاسات الإرهاب والتطرف في الجوارين السوري والعراقي، وقد تقصد حسب رأي وتقدير الخبراء الذين حضروا ما يحصل أو سيحصل في فلسطين وتحديدا مع تشكل ملامح «الانتفاضة الثالثة» ومشاريع واتجاهات التقسيم الزماني والمكاني للحرم المقدسي الشريف. القناعة ترسخت وسط الحضور بأن شيئا ما يمكن ان يحصل في فلسطين وتظهر المرجعيات حرصها على أن لا يمتد إلى الداخل الأردني، وأغلب التقديرات تؤشر على العجز العربي والإسلامي المرجح في مواجهة تداعيات ما يحصل في المسجد الأقصى. وكان الملك عبدالله الثاني قد أبلغ وفدا من العلماء الإسلاميين بأن الأردن لديه خيارات «قانونية ودبلوماسية» في التصدي للإجراءات الإسرائيلية في القدس، لكن مؤشرات باطنية للقاء مكون المخيمات تنطوي برأي مراقبين على تقديرات سلبية لها علاقة بقدرة النظام الرسمي العربي على التأثير في مجريات الأحداث، خصوصا وسط بروز وصعود احتمالات الانتفاضة الثالثة. عاهل الأردن، في هذا المعنى، يطمئن أهالي المخيمات ويعتبرهم من المكونات الوطنية ويخاطبهم بصفة «المواطنة» وليس بصفة اللجوء ويشركهم في اللغة التي تحاول التركيز على حرص الداخل من انعكاسات الوضع الإقليمي والخارج، حتى عندما يتعلق الأمر بالقضية الفلسطينية ونمو حالة الاضطراب غرب النهر.
بسام بدارين