الثلاثاء ,11 فبراير, 2025 م
الرئيسية مقالات العاطفة وسطحية التفكير -قضية اللاجئين السوريين نموذجا -بقلم م . معالي عبد اللة النعيمات

العاطفة وسطحية التفكير -قضية اللاجئين السوريين نموذجا -بقلم م . معالي عبد اللة النعيمات

3036

اimages
لبلقاء اليوم --السلط
 العاطفة وسطحية التفكير عنوان منشوراتنا على فيسبوك ..قضية اللاجئين السوريين نموذجا  بقلم م , معالي عبد الله النعيمات
اكتسحت مواقع التواصل وخاصة فيسبوك موجة من الصور والتعليقات التي تمدح المستشارة الالمانية ميركل وتمجدها بصورة مبالغ فيها بسبب تصريحاتها (بعضها ملفق) المتعلقة باللاجئين، يقابل ذلك العديد من المنشورات التي تذم الدول العربية حكاما وشعوبا لعدم اتخاذهم مواقف بذات القوة والانسانية بحسب ما يصفون. واحيانا يتم عمل مقارنة مع وضع اللاجئين مثلا في الاردن او لبنان مع وضعهم في دول الاتحاد الاوروبي .. من ذلك كله اقول ان مروّجي هذه المنشورات يفتقدون للتفكير المنطقي العقلاني ، حيث يقوم اشخاص باختلاق منشورات، او تعليقات على شكل صور ومن ثم تبدأ حمى نشرها وتداولها على نطاق كبير بين مستخدمي فيسبوك العرب ضمن موجة هائلة في حالة تشبه حالة اللاوعي! حبذا لو فكرنا وعقلنا قبل ان نبادر في نشر كل ما يمجد الغرب ويذمنا نحن العرب، حبذا لو نظرنا الى واقع بلادنا العربية وسأحدد الاردن كحالة خاصة لانه الاكثر استقبالا لللاجئين في المنطقة - ولن اخوض في موضوع عدم استقبال الدول الخليجية لللاجئين السوريين. المقارنة بين وضع اللاجئين –خاصة السورين- في الاردن ووضعهم في اوروبا مقارنة ظالمة جدا لاسباب عدة منها: أن الاردن دولة فقيرة ولديها عجز ميزانية ويعيش مواطنوها بغالبيتهم في تحديات معيشية، ومعدلات الفقر والبطالة في تزايد.
كما ان ازمات وحروب دول الجوار انعكست بشكل كارثي على اقتصاد البلد فضاعفت المشكلات والتحديات التي يعاني منها. استقبال اللاجئين في الاردن وباعداد كبيرة كان له تأثير ملموس على معيشة المواطنين وتزايد معاناتهم وعلى البنية التحتية للبلد وتزايد الضغط على الموارد المحدودة اصلا . وهنا لا اقصد ان على الاردن التوقف عن استقبال اللاجئين او التقييد عليهم حيث اني ارفض اي مسوغات لذلك من منطلق ديني وعروبي وانساني، وأوكد على ان تحمل الاثار المنعكسة على معيشتنا هو اقل ما نستطيع تقديمه لاخوتنا المنكوبين وبلا مَن او تفضُل عليهم. الاردن الذي اصبح 20% من سكانه من السوريين، نصفهم فقط يعتبر من اللاجئين ( في المخيمات او خارجها – اي انهم مسجلون رسميا ويستلمون معونات من المنظمات الدولية) النصف الاخر بالرغم من قدومهم للاردن بسبب الازمة السورية الا انهم ليسوا لاجئين رسميا فكيف يتدبرون معيشتهم؟ اهل الخير في الاردن لم ولن يقصروا في تقديم المساعدات (صحيح اننا لم نخرج في مظاهرات شعبية ترحيبية باللاجئين ولكن حجم المساندة الشعبية لللاجئين لايمكن انكاره) ولكن هذا قطعا لا يكفي.
لا شك ان هؤلاء السوريون يعملون في وظائف في الاردن لتأمين معيشتهم وكلنا يلاحظ حجم العمالة السورية في مختلف المجالات وكيف استحوذت على فرص عمل الاردنيين الذين يشكون اساسا من قلة فرص العمل (بحسب الاحصاءات الرسمية نسبة البطالة 12%، لكن بحسب مسح اجرته منظمة العمل الدولية فان البطالة في الاردن في 2014 ارتفعت بسبب الازمة السورية الى حوالي 22% وهي منشرة في الفئة العمرية من 19-35 سنة). قارنوا بين واقع اقتصاد الاردن ودولة مثل المانيا، قارنوا اساسا بين مستوى معيشة المواطنين الاردنيين مع معيشة مواطني المانيا، قارنوا اعداد اللاجئين في الاردن مع اعدادهم في المانيا، فكروا في مدى تأثر الاردن سياسيا واقتصاديا مع تأثر دولة مثل المانيا، من الطبيعي اذن تباين وضع اللاجئين في كل من الاردن والمانيا! لماذا المانيا بالذات (رسميا وشعبيا) بدأت باستقبال اللاجئين؟ هل لدواعي انسانية فقط؟ على الصعيد الشعبي اعتقد ان الاوروبين بمجملهم متسامحين ويحركهم الدافع الانساني لمساعدة اللاجئين، وبالنسبة للالمان فانهم عبارة عن مجتمع متنوع عرقيا وثقافيا ومرتاح معيشيا، لذلك كان الترحيب الشعبي باستقبال اللاجئين الهاربين من ويلات النزاعات مفهوما ومبررا. لكن الترحيب باللاجئين على الصعيد الرسمي في المانيا وتيسير اجراءات الهجرة لهم لا يخضع للدوافع الانسانية بكل تأكيد ، حيث السياسة لا تعترف بالمشاعر وتخضع فقط لاعتبارات الفائدة والمكاسب.
المانيا القوة الاقتصادية الاكبر في الاتحاد الاوروبي وصاحبة اكبر اقتصاد تصديري في اوروبا تجد اقتصادها العملاق مهددا بسبب التحدي الاكبر الذي يواجهه من ناحية الديموغرافيا، حيث ان المجتمع الالماني يتجه نحو الشيخوخة بسبب زيادة متوسط عمر السكان وتدني معدلات المواليد - حيث انخفضت نسبة المواليد في المانيا لتكون الادنى على مستوى العالم بحسب تقرير نشرته ال بي بي سي بتاريخ 29/5/2015. هذه المؤشرات السكانية تدل على خلل في الهرم السكاني الالماني وعلى ارتفاع نسبة الاعالة في المجتمع الالماني مما يجعل المجتمع الالماني بحاجة ماسة لمن هم في سن العمل ومن هنا يأتي الترحيب الالماني الرسمي باللاجئين.. حيث صرحت ميركل ان التدفق الكثيف للمهاجرين الى المانيا سيغير المانيا ايجابيا. م.معالي عبدالله النعيمات 7/9/2015




التعليقات حالياً متوقفة من الموقع

البلقاء اليوم بالارقام

اسرار المدينة

شخصيات المحافظة

مقالات

هموم وقضايا