فهد الخيطان زيارة وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر للأردن، أول من أمس، خرجت عن المألوف في تقاليد زيارات المسؤولين الأميركيين والأجانب للمملكة. قبل أن يلتقي أي مسؤول أردني في عمان، استهل كارتر زيارته بتفقد قاعدة جوية عسكرية شمال المملكة، حيث حطت طائرته، ومن دون أن يرافقه أي مسؤول سياسي أردني من نفس مستوى الوزير. عادة ما يقوم وزير الدفاع الأميركي، وكبار المسؤولين في واشنطن، بزيارات للقواعد الأميركية في بلدان مثل أفغانستان والعراق، خضعا حتى وقت قريب للاحتلال الأميركي، ومن دون تنسيق في بعض الأحيان مع السلطات في البلدين. لكن الوضع في الأردن مختلف بشكل جذري عن تلك الحالات. القاعدة التي زارها كارتر أردنية، وتدار بشكل كامل من قبل سلاح الجو الملكي الأردني، ولا سلطة لجهة عليها إلا لقيادة الجيش الأردني. وهي في الوقت ذاته، تستضيف قوات أجنبية من مختلف الجنسيات، في إطار تحالف معلن بين ستين دولة، من أبرزها الأردن، لمحاربة تنظيم "داعش" الإرهابي الذي يهدد أمن واستقرار الأردن، ودول المنطقة كلها. لا اعتراض على هذا التحالف. وغالبية الأردنيين، حسب آخر استطلاع للرأي، يدعمون مشاركة الأردن فيه بقوة. لكن، مرة أخرى، الأردن ليس أفغانستان ولا العراق، لكي يجري ترتيب زيارة الوزير الأميركي على هذا النحو غير اللائق بدولة مستقلة كالأردن. يرتبط الأردن بتحالف استراتيجي وثيق مع الولايات المتحدة. وهو تحالف يخدم مصالح البلدين. الأردن بوجه خاص، مستفيد من هذا التحالف، والدعم العسكري والاقتصادي الذي تقدمه الولايات المتحدة له. وليس هناك من سبب يدعونا كأردنيين إلى الشعور بالحرج من هذه العلاقة التاريخية. لكن في الحرب على الإرهاب، الأردن ليس طرفا تابعا؛ بل هو دولة محورية تلعب دورا مهما ونديا في التحالف الدولي، ولا يجوز التعامل معها كقاعدة خلفية يزورها الوزير الأميركي كما لو كان يتفقد قاعدة على الأراضي الأميركية. كان ينبغي ترتيب برنامج الزيارة على نحو مختلف تماما، بحيث تكون عمان محطة الوزير الأولى، يلتقي فيها من يلتقي من كبار المسؤولين. وإذا ما رغب في زيارة القاعدة الجوية، فيجب أن يرافقه مسؤول أردني برتبة وزير؛ عسكريا كان أم سياسيا، لتأكيد السيادة الأردنية الخالصة، لا أن يُترك الوزير الأميركي يجول في القاعدة، ويلقي خطبة بالعسكريين، ومن حوله ثلة من الضباط ليس من بينهم أردني واحد. إن من شاهد الفيديو الذي بثته محطة "سي. إن. إن" لزيارة كارتر للقاعدة الجوية، ما كان ليميز أنها قاعدة أردنية. ولولا مرافقو الوزير من الصحفيين الأجانب، لما عرفنا، وربما بعض المسؤولين، بخبر زيارة القاعدة الجوية من الأساس. ما حصل خطأ سياسي قاتل، ليس من مبرر لوقوعه. بقليل من الحكمة وحسن التصرف، كان يمكن تفاديه. التحالف الوثيق مع الولايات المتحدة لا يبرر التهاون في مسائل تتعلق بسيادتنا، والجيش هو رمز هذه السيادة وعنوانها.
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع