البلقاء اليوم -
صحيفة البلقاء اليوم الالكترونية -السلط
هزاع الذنيبات .. رقيب السير الأشهر في الاردن ترك بصماته على تقاطعات شوارع العاصمة عمان يظل هزاع ذنيبات رقيب سير الاشهر في الاردن واصل عمله في تنظيم المرور صباح كل يوم على اشارة الصناعة في العبدلي بعد ان صنع قصة حب مع كل من يمر من حوله من الجهات الاربع من هو هزاع! انه هزاع عبد الحميد ذنيبات خدم في الامن العام منذ 1966 حتى عام 1984 مراقب سير مثلث جسر النشا – المحطة و هزاع متزوج من ثلاث نساء خطفت المنية اثنتين ، ويعيل 12 فردا ولا مصدر رزق له سوى راتبه التقاعدي.. لم يكن عاديا والمنطقة التي يخدم فيها غيرعادية ، ذلك التقاطع الذي يربط عمان الشرقية بوسط البلد. وبدا هزاع مشواره شرطيا عاديا اسندت اليه مهمة تنظيم المرور على احدى منصات العاصمة التي تشهد كثافة مرورية تضيق عن احتمالها حتى الاشارات الضوئية ، وكان على الرجل ان يتعامل مع الموقف ولم يكن يملك سوى ساعديه فكانا عونا له وادى مهمته من الوهلة الاولى بمهارة حيث وجد في هذا البحر من المركبات فرصة لاختبار قدراته بالمقارنة مع الاشارات الضوئية التي تتكفل عادة بهذه المهمة وقبل التحدي على الفور وكان عليه ان يطوع امواج السيارات الى حركات سريعة يؤديها بخفة ورشاقة وتطلب منه ذلك ان يجند جميع حواسه ويضع عقله وتفكيره في ساعديه وقد كان له ذلك حتى اصبح يؤدي حركاته بطريقة ديناميكية يستجيب له السائقون الذين كانت بينهم وبينه الفة ومودة ومع الزمن اصبح الشرطي هزاع العلاج الناجح والفعال لتنظيم السير في اي منطقة تعاني اختناقا مروريا .. وكان وجوده في مثل هذه المناطق كفيلا بمعالجة الوضع وطمأنة اصحاب المصالح من سواقين وركاب على وقتهم من الضياع هدرا حتى اصبح وجوده في منطقة مدعاة لانتظام السير على النحو الملفت للنظر مهما كانت حجم الكثافة المرورية واصبح اسم هزاع مرادفا لعملية ضبط وتنظيم السير دون ارباك وكثيرا ماكنت تسمع من الكافة عندما كانوا يمرون ببعض الاماكن المكتظة”وينك ياهزاع” وذاع صيت هزاع في العاصمة وخارجها بل اصبحت تجد من ياتي الى مكان عمله بحثا عنه ليرى كيف يزاول هذا الشرطي الماهر عمله باقتدار ، وبعضهم ياتي بالسياح الاجانب ليريهم مهارة هذا الرجل الذي تمكن بعشقه لعمله من لفت انظار الكثيرين حتى اصبح معلما سياحيا فلا يستغرب احد اذا جاء من يسال عن هزاع ليلتقط معه صورا تذكارية. هزاع لم يتمكن التقاعد من تثبيط عزيمته لخدمة وطنه ومواطنيه فاستمر حتى بعد احالته الى التقاعد في تنظيم السير في بلدة الربة في محافظة الكرك . *موقف مع الحسين ومن اطرف القصص والمواقف التي حصلت معه ولايمكن ان ينساها ان المغفور له جلالة الملك الحسين كان قادما باتجاه راس العين وكنت انظم المرور على اشارة راس العين وقمت بايقاف السير دون ان انتبه الى الموكب الملكي وفي هذه اللحظة نزل احد ضباط الحرس ليعلمني ان جلالة الملك في السيارة وفي هذه الاثناء قدمت سيارة اسعاف من مستشفى البشير الحكومي باتجاه جبل عمان فاعطيت الاولوية لها وكان سروره كبيرا لهذا التصرف الانساني . واضاف الذنيبات قمت بعد ذلك بفتح الطريق امام الموكب الملكي وعندما وصل الحسين طيب الله ثراه اديت له التحية العسكرية وقال لي: شكلك تعبان من ازمة السير فقلت له من يراك ياسيدنا تذهب همومه ويذهب تعبه فانعم علي بهدية ملكية وامر بترفيعي الى رتبة رقيب حيث كنت برتبة عريف . *جسر هزاع: فيما يقول الزميل احمد حسن الزعبي: جسر هزّاع من المفترض أن يكون رقيب السير الأشهر في الأردن ”هزّاع” قد باشر عمله مدرّباً في مديرية الأمن العام – دائرة السير . بعد أن تقاعد عن هذه المهنّة لأكثر من عشرين عاماً.. حقيقة ما استفزّني للكتابة عن هذا الرجل ، ما قرأته خلال الأيام الماضية من عناوين كثيرة في الصحف تحدّثت عن عودة هزّاع ،وتساءلت من يكون السيّد ”هزّاع” حتى يفرد خبر عودته على الصفحات الأولى من الجرائد ،وعندما بدأت بقراءة التفاصيل، تبيّن لي أن هزّاع ليس وزيراً ،ولا سفيراً ، ولا نائباً ، ولا ”باشا” ، هزّاع مجرّد مواطن بسيط خدم البلد بحبّات عرقه بكل حب واخلاص ، ليس في قاموسه ابتزاز الوطن أو البحث عن منصب أو مصلحة أو وجاهةٍ أو شهرة، كل ما يريده أن يؤمّن لقمة عيشه آخر الشهر من ”راتبٍ” يضمن له الحد الأدنى من السعادة والعيش الكريم . فعمل واجتهد وأخلص وصار تمثالاً بشرياً ينظم المرور على جسر النشا.. بهذه السيرة الذاتية المتواضعة تشجعت للكتابة عنه وأنا مرتاح الضمير.. الفضول والتقصي قبل الكتابة – خوفاً أن يكون الرجل مدعوماً – لم يوقفاني عند هذا الحدّ بل دفعاني لسؤال الناطق الإعلامي في مديرية الأمن العام الرائد بشير الدعجة عن سبب هذا الإهتمام الإعلامي الكبير بعودة رقيب السير”هزّاع” الى مرتّبات الأمن العام برغم وجود المئات من المتقاعدين أمثاله الذين خدموا بلدهم بإخلاص. فكان ردّ السيّد الدعجة ،بأن هزّاع خدم ما يزيد عن 23عاماً في مكان واحد وهو جسر النشا ، حرر خلال هذه السنين الممتدة من عمره مخالفتين مروريتين فقط ، وفوق كل ذلك كان يتمتع بشهره لم يسبقه اليها أحد من زملائه فهو يحوز على احترام جميع السائقين والمارة ،فكانوا ينصاعون لأوامره وإرشاداته وإشاراته ويتقبلون تنبيهاته بكل رضا وحب .. وتمنى الرائد بشير أن يتم تسمية جسر النشا باسم ”جسر هزّاع” تكريماً لهذا الرجل الذي وقف عليه ربع قرنٍ من غير أن يملّ أو يتعب..وأنا أضم صوتي لصوت بشير في ذات المطالبة ..فالبسطاء المنسيون المغمسون بحبّات عرقهم ولقم عيشهم ،المخلصون لبلدهم هم أحق من غيرهم أن تسمّى الأماكن والشوارع بأسمائهم قبل أن تطوي السنين أعمارهم ولا يذوقوا حصاد إخلاصهم.. أتمنى على كل وزارة أو دائرة أو مؤسسة مرّ عليها موظفّة أمينة أو موظف أمين ومخلص يعشق عمله وبلده ( على باب الله) مثل هزّاع..نظيف اليد والسيرة لا يعرف النفاق أو التدليس أن يكرّم ويعاد لعمله ”تمثالاً” من لحمٍ ودم.. فما أحوجنا لنموذج ”هزّاع” في زمن قلّ فيه ”الهزازيع”.