البلقاء اليوم -
البلقاء اليوم ---
تثير العملية العسكرية التي تشنها السعودية ودول أخرى ضد المليشيات الحوثية باليمن، دعماً للرئيس عبد ربه منصور هادي، التساؤلات حول حجم العملية وسيناريو تحولها إلى هجوم بري واسع، وتداعيات ذلك. وقالت مصادر سعودية، الخميس: إن المملكة تشارك بـ100 طائرة حربية، بالإضافة إلى 150 ألف جندي في العملية العسكرية المسماة "عاصفة الحزم"، وهو عدد هائل لا يمكن أن يتم حشده لتنفيذ عملية خاطفة، غير أنه لم يجر تأكيده رسمياً. هذا، وأبدت كل من مصر والأردن استعداداً للمشاركة في "هجوم بري"، إن لزم الأمر، بحسب تصريحات رسمية. ونقلت وكالة رويترز عن مصدر سعودي مطلع على الشؤون الدفاعية أنه لا يمكن تحقيق أهداف إعادة الحكومة الشرعية باليمن، بمجرد السيطرة على المجال الجوي للبلاد، وأنه ربما تكون هناك حاجة إلى شن هجوم بري لاستعادة النظام. وليست هذه هي المرة الأولى التي يواجه الجيش السعودي فيها المسلحين الحوثيين، فقد سبق أن وقعت اشتباكات بين الطرفين عام 2009 قرب الحدود السعودية اليمنية، خلال محاولة عناصر حوثية التسلل إلى داخل أراضي المملكة. ويبدي بعض المحللين تخوفهم من توسيع الحرب لتشمل هجوماً برياً؛ لما قد يسببه ذلك من اندلاع حرب بالوكالة بين السعودية وإيران في اليمن، ولتأثير ذلك المتوقع على أسعار النفط العالمية، ومن ثم فإنهم يرون في الهجوم البري "مجازفة". في حين يرى آخرون أن الحسم العسكري ضد الحوثيين وحلفاء طهران في المنطقة، لا سيما في ظل غياب الدور الأمريكي بهذا الصدد، سيؤدي إلى ردع إيران عن مواصلة محاولات التوسع وتهديد أمن المنطقة، ما يعني استعادة الاستقرار ووضع حد للاضطرابات الناجمة عن ذلك التوسع. سوزان دالجرين، الأستاذة المساعدة الزائرة للأبحاث بمعهد الشرق الأوسط في الجامعة الوطنية بسنغافورة، ذهبت إلى أنه "في عام 2009 تم استخدام القوة الجوية السعودية لمساعدة الجيش اليمني في قتال الحوثيين، لكنها لم تنتصر. ولذلك يتعين على السعوديين أن يكونوا أكثر حرصاً الآن". وأضافت دالجيرين: "حتى الآن لم يقصفوا الجنوب المزدحم بالسكان، وأرجو أن يظلوا على هذا المنوال لفترة طويلة، فمن الضروري أن تقبل أغلبية الشعب اليمني التدخل العسكري"، في تصريحات نقلتها وكالة رويترز. من جهته، حذر توني نونان، مدير المخاطر بشركة ميتسوبيشي في طوكيو، من مواجهة كبيرة بين السنة والشيعة نتيجة العملية العسكرية في اليمن، مؤكداً أنه "ثمة مواجهة كبيرة بين إيران والسعودية، وبين السنة والشيعة في سوريا والعراق. وهذا دليل آخر على أن المخاطر الجيوسياسية في الشرق الأوسط أصبحت مزمنة"، بحسب المصدر ذاته. أما جون مكارثي، رئيس معهد أستراليا للشؤون الدولية، فقد اعتبر أن السعودية تخشى أن يصبح اليمن وكيلاً لإيران، وأن تسيطر الأخيرة على بلد مهم للمصالح السعودية". وذهب إلى أن السعودية "تجد نفسها تحت ضغط من دولة تعتبرها منافسها الرئيسي على الهيمنة الإقليمية. ولن أدهش إذا شهدنا دعماً برياً سعودياً في مرحلة ما". وأردف قائلاً: "في غياب الأمريكيين الذين تركوا الساحة بصفة مؤقتة، سيحسب السعوديون أنه ليس أمامهم خيار سوى الدخول بقوة، وسنشهد إعادة رسم للمنطقة". وحول حجم الرد الإيراني المتوقع على عملية "عاصفة الحزم"، رجح نوريهيرو فوجيتو، محلل الاستثمار بشركة ميتسوبيشي يو.إف.جيه مورجان ستانلي للأوراق المالية، عدم حصول رد إيراني واسع، مؤكداً أنه "في الوقت الحالي سيكون التركيز على رد الفعل الإيراني، أرجو فقط ألا تبالغ إيران في رد الفعل". وأضاف: "إذا أصبحت حرباً بالوكالة حقيقية، فستلتهم الحرب الشرق الأوسط كله، مع أنني لا أعتقد أن هذا مرجح".وعبر جانج جي هيانج، مدير مركز الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمعهد آسان للدراسات والسياسات في سول، عن وجهة نظر مماثلة لرأي فيجيتو. وقال: "لماذا الآن؟ السعودية مستاءة من المحادثات النووية بين إيران والولايات المتحدة التي يبدو أنها تحرز تقدماً. لكن من غير المرجح أن ترد إيران على العملية السعودية في اليمن، لأنها لا تريد أن تصبح طرفاً صانعاً للمشاكل بالتورط في صراعات في الوقت الذي يظل فيه الاتفاق النووي معلقاً".