الأربعاء ,12 فبراير, 2025 م
الرئيسية اخبار محلية جلالة الملك عبدالله الثاني: دبلوماسية حكيمة في مواجهة التهجير

جلالة الملك عبدالله الثاني: دبلوماسية حكيمة في مواجهة التهجير

23

البلقاء اليوم - #البلقاء #اليوم #السلط

في زيارةٍ تحمل دلالاتٍ سياسية وإنسانية عميقة، التقى جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين، بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض، بحضور ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني. جاءت الزيارة في إطار تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، ومناقشة قضايا إقليمية ساخنة، أبرزها الأوضاع في فلسطين وغزة، وخطط إعادة الإعمار المثيرة للجدل، إلى جانب ملفات الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط.
أكد جلالة الملك خلال اللقاء التزام الأردن الدائم بخدمة مصالحه الوطنية والإقليمية، مع التركيز على دوره الإنساني الرائد في دعم الشعب الفلسطيني. حيث أشار إلى استعداد المملكة لاستقبال 2000 طفل فلسطيني من غزة لتلقي العلاج، في خطوةٍ تعكس استمرارية الدعم الأردني رغم التحديات الاقتصادية والأمنية. هذا الموقف الإنساني يأتي في سياقٍ معقد، حيث تُعاني غزة من حصارٍ متكرر وصراعاتٍ دامية، ما يزيد من معاناة المدنيين، خاصة الأطفال.
من جانبه، كشف الرئيس ترامب عن رؤيته المثيرة لإعادة تطوير قطاع غزة، واصفًا إياها بتحويل المنطقة إلى "ريفييرا الشرق الأوسط" تحت الإشراف الأمريكي. إلا أن الخطة أثارت تساؤلاتٍ عديدة، خاصةً مع تأكيد ترامب على إجلاء مواطني غزة الحاليين وتوطينهم في دول مجاورة مثل مصر والأردن، مع وعدٍ بتمويل أمريكي للمشروع. هذا المقترح، الذي يستبعد عودة الفلسطينيين إلى غزة، قد يواجه رفضًا دوليًا وعربيًا، خصوصًا في ظل التشبث الفلسطيني بحق العودة. كما أشار ترامب إلى أن الولايات المتحدة ستتولى إدارة غزة "بموجب السلطة الأمريكية"، معتبرًا أن المشروع سيجلب "السلام والازدهار" للمنطقة.
لم تخلُ المحادثات من إشاراتٍ إلى الوضع الأمني المتوتر. حيث حذّر ترامب حركة "حماس" من أن المهلة المحددة للإفراج عن الأسرى الإسرائيليين ما زالت قائمة، مُهددًا بإنهاء وقف إطلاق النار واستئناف العمليات العسكرية إذا لم يتم الالتزام بالجدول الزمني. هذه التصريحات تأتي في وقتٍ تشهد فيه المنطقة تصاعدًا في العنف، ما يُعيد التذكير بهشاشة الهدوء المؤقت في غزة.
تطرق اللقاء أيضًا إلى التعاون الاستراتيجي مع مصر، حيث أشار جلالة الملك إلى أن القاهرة تعمل على وضع خطة للتعامل مع الإدارة الأمريكية في قضايا المنطقة. من جهته، أبدى ترامب تفاؤلًا بشأن خطط إسرائيل لضم أراضٍ في الضفة الغربية، قائلًا: "أعتقد أن هذا سينجح"، معتبرًا أن الفلسطينيين "سيحبون ما سنقدمه لهم". هذه التصريحات قد تُثير توتراتٍ جديدة، خاصةً مع رفض الفلسطينيين والدول العربية لمشاريع الضم التي تُناقِض القانون الدولي.

على صعيد العلاقات الأردنية الأمريكية، أكد ترامب أن واشنطن لا تستخدم المساعدات المالية كأداة ضغط، قائلًا: "نحن نحول الكثير من الأموال للأردن ومصر، لكن لن نصدر تهديدات بشأنها". هذا التصريح يهدف إلى طمأنة الأردن، الذي يعتمد بشكلٍ كبير على الدعم الأمريكي في مجالات الأمن والاقتصاد. كما وصف ترامب الملك عبدالله الثاني بـ"الرجل العظيم"، في إشارةٍ إلى مكانة الأردن كحليفٍ استراتيجي في المنطقة.
شملت الزيارة أيضًا لقاءاتٍ مع وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، والمبعوث الخاص للشرق الأوسط ستيفن ويتكوف، وأعضاءٍ من الكونغرس، بهدف تعزيز التنسيق في الملفات الإقليمية والدولية. وفي ختام الزيارة، عبّر جلالة الملك عن امتنانه عبر منصة "إكس" (تويتر سابقًا)، قائلًا: "أنهيت للتو مباحثات بناءة مع الرئيس ترامب... بحثنا الشراكة الراسخة بين الأردن والولايات المتحدة، وأهميتها في تحقيق الاستقرار والسلام والأمن المشترك".
تأتي هذه الزيارة في وقتٍ تشهد فيه المنطقة تحولاتٍ جيوسياسية عميقة، من تصاعد العنف في فلسطين إلى الملف النووي الإيراني والأزمات الاقتصادية. بينما يُظهر الأردن التزامًا بدوره كـ"قلبٍ استراتيجي" للاستقرار الإقليمي، تبقى خطط ترامب لغزة والضم الإسرائيلي موضع شكوكٍ كبيرة، قد تعيد رسم خريطة التحالفات والصِراعات في الشرق الأوسط. اللقاء، رغم ما حمله من تفاؤلٍ ظاهري، يترك أسئلةً حول مدى توافق الرؤى بين حليفَين تاريخيين في ظلِّ سياساتٍ أمريكية مثيرة للجدل.

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع

البلقاء اليوم بالارقام

اسرار المدينة

شخصيات المحافظة

مقالات

هموم وقضايا