الأحد ,19 يناير, 2025 م
الرئيسية فكر وأدب وثقافة المصري يقدم لكتاب الغساسنة بين الماضي والحاضر للباحث العواملة ..

المصري يقدم لكتاب الغساسنة بين الماضي والحاضر للباحث العواملة ..

80

البلقاء اليوم - دولة الأستاذ طاهر المصري الأكرم لكتاب الغساسنة بين الماضي والحاضر معالم وشخصيات والذي سوف يصدر قريباً للباحث المؤرخ جمال نزيه العبد العواملة…


#البلقاء #اليوم #السلط #الأول نيوز –



يمثل هذا الكتاب ( #الغساسنة #بين #الماضي و #الحاضر #معالم و #شخصيات ) للباحث #المؤرخ #جمال #نزيه #العبد #العواملة حلقة وصل بين الماضي والحاضر، ووشيجة قُربى بين تاريخ أفِلَ بلا رجعة، وحاضر لم يزل تختمر فيه بذور التاريخ، وجهود البناة الأوائل، فلم يفقد الأبناء والأحفاد صلاتهم بالأجداد، ولم يفقد الأجداد حضورهم في وجدان الأحفاد.



هذا ما يقوله ويؤكده المؤرخ العواملة بلا مواربة في كتابه الذي جمع فيه بين علم الأنساب، وعلم التاريخ، والشعر والأدب ، والسياسة، وعلم الرجال، والتوثيق العلمي، ومرويات موثقة لا أظن الكثير منا يعرفها أو سمع بها، ومن هنا تأتي جدية الكتاب وفرادته، والحاجة اليه في هذا الوقت المثخن بالجراح والتقلبات السياسية والإجتماعية التي بدت وكأنها تعصف بكل شيء يمر بها.



و”الغساسنة ” الذين يعنيهم المؤرخ العوامله في كتابه هم إحدى أهم القبائل العربية وأصلهم من قبيلة” الأزد بن كهلان ” الذين تمتد أصولهم العربية الى قحطان وكانوا في جنوب اليمن، وارتحلوا الى داخل الجزيرة العربية في القرن الثاني الميلادي بعد ما يعرف تاريخيا بحادثة “سد العرم ” وانهياره وسكناهم في مناطق عديدة قبل ان يستقروا في بلاد الشام وبنائهم وتأسيسهم لمملكة ” الغساسنة ” التي ظلت تحكم جنوب بلاد الشام حتى مجيء الإسلام.



وشكل الغساسنة العرب بعد اعتناقهم المسيحية ما بات يعرف اليوم بــ” الدولة الحاجزة ” بين الروم البيزنطيين والفرس الساسانيين الذين قاموا هم الاخرين باستخدام “مملكة المناذرة العرب ” في العراق دولة حاجزة موازية لمملكة الغساسنة بينهم وبين الفرس.

وتؤكد المرويات التاريخية أن الغساسنة اعتنقوا المسيحية المشرقية الأرثوذكسية التي عرفت بـ “اليعقوبية ” قبل تحول بعضهم لإعتناق الإسلام ومشاركتهم في الفتوح العربية الإسلامية التي ابتدأت مع انحيازهم لجيش الصحابي الجليل خالد بن الوليد في معركة اليرموك والتي هيأت كل الأسباب لسقوط وتلاشي الإمبراطورية الرومانية البيزنطية وانكفائها داخل حدودها في بيزنطة ” اسطنبول حاليا”، فيما تمسك بعضهم الآخر بديانته المسيحية وظلوا يعيشون حتى اليوم في الأردن وفلسطين وسوريا ولبنان.



لقد بدأ الصراع الفعلي بين الشرق والغرب منذ أن وطئت سنابِك خيول العرب المسلمين حدود بلاد الشام في غزوة مؤته في الكرك، وهي الغزوة التي قرعت جرس الصراع بين قوى الغرب ممثلة بالامبراطورية الرومانية البيزنطية وبين الامبراطورية الاسلامية الوليدة، وهو الصراع الذي لا يزال محتدما بين الغرب والشرق بكل تداعياتها والذي يبدو أنهما لن يلتقيان أبدا.



ومنذ غزوة مؤتة في الكرك جنوب الأردن فُتح الباب على مصراعيه لصراع الشرق مع الغرب، وصراع الشمال مع الجنوب، وفتحت أطماع شمال البحر الأبيض المتوسط بحضارته الأوروبية الغربية المسيحية، التي تم تتويجها بـ “الحروب الصليبية “، ضد حضارة وثقافة العالم العربي الإسلامي، وهو الصراع الذي اتخذ أشكالا عديدة عبر تاريخ الصراع بين الحضارتين الغربية والمشرقية والذي لا يزال مستمرا ومتصاعدا حتى الآن.



لقد أجمل الشاعر الانجليزي”روديارد كبلنغ ” حقيقة العلاقة بين الشرق والغرب وبكلمات معدودة حين قال” الشرق شرق، والغرب غرب، ولن يلتقيا “، إذ تبدو هذه المقولة وهي تختزل كل طبيعة وشكل العلاقة بين عالمي الغرب والشرق، هي الحقيقة الأكثر تمثيلا لتلك العلاقة القائمة في جوهرها على عقلية المركزية الأوروبية، والتفوق الأوروبي، في مواجهة مجتمعات الشرق المتخلفة التي يتوجب عليها ان تبقى تابعة للهيمنة الغربية وأسيرة لها.



ومنذ تشكُل الدولة الإسلامية وبواكيرها في حواضر العالم الإسلامي في يثرب ثم في دمشق ولاحقا في بغداد ثم القاهرة مرورا بالشمال الإفريقي العربي فالأندلس والصراع لا يزال محتدما وقائما إما بالإستعمار المباشر، وإما بالهيمنة ما بعد الكولونيالية والتي تتخذ أشكالا عديدة تغذي الصراع وتديمه لصالح الغرب.





ومن الصراع الديني الى الصراع الثقافي واصل الغرب طموحاته لإخضاع المنطقة العربية وتحديدا اقليم الشرق الأوسط، الذي انتهى به الأمر لأن يكون ضحية للصراع الديني بين الإسلام والصليبية الغربية والتي اتخذت من تأويلات الكتاب المقدس وجغرافيا فلسطين أيديولوجيا صليبية متطرفة لاحتلال فلسطين والقدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية فيما يعرف بالحروب الصليبية وحملاتها المتعددة، ومبررا دينيا لعمليات القتل الوحشي والإبادات الجماعية التي تعرض لها العرب المسلمون في الشرق الأوسط.



وبالرغم من الإحتلال والهيمنة الصليبية وامتداد الحروب والمواجهات على مدى قرنين من العنف والقتل والاحتلال والتهجير والإرهاب الغربي الأوروبي فقد نجحت المقاومة العربية الاسلامية في دحر الغرب المحتل وهزيمته وكسر ايديولوجيته الدينية المتطرفة، لكنه ما لبث أن عاد للشرق بأثواب جديدة كان من مظاهرها حركة المستشرقين والرحالة الغربيين الذي جابوا المنطقة بكاملها تحت ذريعة استكشاف خارطة الكتاب المقدس والتي مهَّدت لاحقا للعدوان الصهيوني على فلسطين وهو الإحتلال الذي يمثل امتدادا لجهود وطموحات الغرب للهيمنة على الشرق.



وفي كل هذه الصراعات كان العرب الغساسنة مسلمين منهم ومسيحيين في بلاد الشام”الأردن، فلسطين ، لبنان ” منحازون لعروبتهم ولثقافتهم، ولم تخل أية جولة من جولات الصراع الشرقي ــ الغربي من مساهماتهم في الدفاع عن أوطانهم، وقوميتهم، وعروبتهم.



وليس من المؤكد أن يكون ثمة تلاقيا حقيقيا بين الشرق والغرب، ولا نظن أن سلاما إنسانيا حقيقيا ودائما يمكن ان يسود علاقة الشرق بالغرب، بقدر ما ستبقى تلك العلاقة تابعة لعقلية المهيمن الغربي الذي يرى في الشرق مجرد تابع سهل الإنقياد له ولطموحاته، وهو ما يدفعه لأن يعلن انحيازه المقيت لدولة الإحتلال الصهيوني في فلسطين ولتدفعه دفعا لتجاهله ولغض بصره عن كل قيم الانسانية والأخلاقية التي تتعرض لها فلسطين لمجازر ولمذابح لا يقبلها عقل، إلا العقل الغربي الذي يضحي بكل قيمه الإنسانية والأخلاقية في سبيل انحيازه لدولة الإرهاب الصهيوني في فلسطين المحتلة.



هذا غيض من فيض تاريخ الغساسنة العرب الذين لا يزال أحفادهم يعيشون في الأردن سواء من أسلم منهم أو بقي على مسيحيته العربية لكنهم ولليوم يملكون ثقافتهم العربية الإسلامية والتي تشكل مجمل هويتهم الثقافية والقومية.



وهذا ما يجهد لتحقيقه الباحث العوامله في كتابه رابطاً الماضي بالحاضر ليؤرخ لإمتدادات تاريخ تلك القبيلة الضاربة جذورها في التاريخ، ومؤكدا على وشائج القربى بين العشائر الأردنية والعشائر الفلسطينية قائلا”وادراكا منا لواقع ًالعلاقات التي تربط عشائرنا الاردنية بالعشائر الفلسطينية فقد أثبت المؤرخون المعاصرون أن الغالبية العظمى لهذه العشائر من شمال الاردن الى جنوبه يلتقون بمنابت وأصول واحدة(…) ونحن نعرف أن دماء شهدائنا الأردنيين الطاهرة سالت على ثرى فلسطين في الأحداث التي واجهت هذا البلد منذ حملة نابليون عام 1798 ، لذا فدماء أجدادنا من شهداء الأردن ما زالت شاهدة على أرض قلعة صانور في جنين”.



ويذهب المؤرخ العوامله لتتبع تاريخ عشيرة”العوامله ” ورجالاتها، ومساهماتها في بناء الآردن الحديث ودورها التاريخي في البلد والمنطقة، ومدى ما قدمه أبرز رجالاتها وأعيانها.



ولا أعدو الحقيقة إذا قلت وباطمئنان شديد ان هذا الكتاب مدهش في تفاصيله وأحداثه ومروياته، وهو جهد يستحق الثناء والتقدير لمؤلفه الصديق الباحث والمؤرخ الأستاذ جمال نزيه العبد العواملة.



طاهر المصري

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع

البلقاء اليوم بالارقام

اسرار المدينة

شخصيات المحافظة

مقالات

هموم وقضايا