رسالة من دكتور إلى طلابه .. أعترفُ لكم أنّي أخطأت .. والإضراب لمصلحتكم

البلقاء اليوم - البلقاء اليوم ---السلط

كتب الدكتور عاصم الذنيبات

درس في الأدب العربي

طلابي الأعزّاء، أعترفُ لكم أنّي أخطأتُ عندما شرحتُ لكم قصيدة (إرادة الحياة) للشّاعر التونسيّ الثائر أبي القاسم الشّابي، وكان أكثر ما يستوقفني في مطلع قصيدته كيف يستجيب القدر الّذي هو بيد الله لمن يريد الحياة؟ بسبب فهمي العقيم أنَّ تناقضًا بين إرادة الحياة واستجابة القدر، وليتني غرستُ فيكم أنَّ إرادة الحياة تكون لأصحاب الهمم العالية، وأنّها تتطلّبُ الحريّة والكرامة ورفض الظّلم ، لم أغرس ذلك فيكم؛لأنَّ فاقد الشيء لا يعطيه؛ فكان الجزاء من جنس العمل، و لم يكن حينها نقيب المعلّمين قد خاطب الإقطاعيين ( أعطوا المعلّمين حقوقهم وأقسم لكم بالله لن أدخلّ مبنى النقابة) لأخبركم أنَّ التضحية من أجل مَن وكَّلوك أمرهم هي إرادة للحياة.
طلّابي الأعزّاء، أخطأتُ عندما أخبرتكم أنّ محمود درويش رمزَ في قصيدته (عابرون في كلام عابر) إلى الكيان الصّهيوني فحسب؛ لأنّ كلّ ما كان يسيطر على تفكيري أنَّ محمود درويش شاعر ثورة في أرضٍ محتلّة، وليتني أخبرتكم أنَّ العابرين هم كلُّ أولئك المتسلّقين والفاسدين الّذين ينهبون خيرات أوطانهم، ولم يكن حينها أحمد الحجايا قد فارق الحياة لأخبركم أنّ العابرين ليسوا سواسية .
طلابي الأعزّاء، نعم أخطأتُ أيضًا في شرح قصيدة محمود درويش (على هذه الأرض ما يستحقٌّ الحياة)، فقد كان فهم استحقاق الحياة عندي متمثّلًا في المقاومة والحرية فحسب، وكان عليّ أن أقول لكم إنّ عمارة الأرض لا تستقيم مع الذّل والعبوديّة، وأنّ الأرض الّتي ينتمي لها الإنسان لا بدَّ أن يأكل من خيراتها حتى يكون بينه وبينها عيش وملح.
مع طلابي وأعتقدُ جازمًا أنَّ الإضراب لمصلحتكم .

---