أوصلوها للعسعس !! الأردنيون يريدون إصلاحات شاملة .. لا عنتريات فارغة و بطولات دونكيشوتية

البلقاء اليوم - البلقاء اليوم -السلط -جمال حداد

ربما لن تفهم لغتي بحكم انك أمضيت سنوات طويلة من عمرك خارج الأردن متميزاً وخريجاً متفوقاً من جامعة هارفارد التي تعتبر من اعرق الجامعات الأمريكية ، فالنصيحة الاستعانة بمترجم أردني لكي يتم وصول المصطلحات إليك بنجاح .
وبداية لن أظلمك– فقد تكون موظفاً ناجحاً ، و مسؤولاً متفوقاً، ومستشاراً ناجحاً ، وأكاديمياً لامعاً ، أما أن تتربع على كرسي الوزارة فهذا أمر مشكوك فيه .. لأن منصب الوزير ليس عملا مكتبياً ولا وظيفياً بالمعنى الروتيني بل هو عمل قيادي،ومسؤولية ثقيلة ، ومواجهة يومية مع المتغيرات المتعددة ، والمستجدات الحادة والقرارات العاجلة .
فالأمر حينما تكون وزيراُ يتطلب مواقف جريئة لحظيه، وعلاقات متينة، ومعرفة عميقة بالشأن الداخلي،و اطلاع على أحوال الناس في البادية والقرية،في المخيم والتجمعات العشوائية،في الأطراف والمحافظات وليس فقط في المجتمع المخملي في عمان وتحديداً عمان الغربية ... وهذا ما تفتقر إليه معاليك بعد أن أديت القسم الدستوري جملة وتفصيلا .
سأتفق معك بتصريح وزارتك الذي صدر ، والحديث ان هناك خروج عن السياق للسؤال الذي طرح على معاليك خلال المؤتمر الصحافي الذي عقد في رئاسة الوزراء حول ان كان هناك نية للحكومة لرفع الضرائب ... فكانت إجابتك وفق البيان أن الحكومة تسعى ان تغطي إيراداتها المحلية نفقاتها الجارية. وان أفضل وسيلة لذلك هو الالتزام بمحاربة التهرب الضريبي الذي يشكل جريمة بحق الوطن وغبنا بحق الغالبية العظمى من الأردنيين الملتزمين بواجباتهم وفقا لمنظومة الحقوق والواجبات التي كفلها الدستور .
يا معالي العسعس... لسنا من صيادي الأخطاء ولا قناصي الفرص ، ولكن في وقفة مع تصريحاتك التي جاءت في بيان وزارة نجد أنه وفي قراءة للإحداث ومحاسبة صارمة مع الذات ان الحكومة لم تفلح في شيء، ولن تفلح في شيء،ولم تسجل أي انتصار لها بل كانت منذ يمين القسم أمام سيد البلاد وحتى اللحظة الراهنة ... سلسلة من الإخفاقات بمتواليات هندسية لا حسابية ، حيث بلغ التذمر الشعبي والسخط أعلى مستواه على الارتفاع الجنوني على الاسعار، وفرض الضرائب ، والتخبط في اتخاذ القرارات .
ناهيك يا وزير التخطيط أن الشارع الأردني القلق يسأل السؤال المشروع :ـ ماذا أعدت الحكومة لمكافحة المخدرات التي غزت الشباب ودخلت الجامعات وانتشرت كالوباء،وما نتج عنها من كوارث اجتماعية نمسك عن التصريح بها؟!. يقابلها بطالة زادت على 18% من الأيدي العاملة، ماذا فعلت الحكومة بتضخم القطاع العام الذي يأكل الميزانية من دون إنتاج يذكر،ناهيلك عن ترهله وانتشار الواسطة ،المحسوبية،الرشوة بين مفاصلة ، وماذا فعلت في تحصيل الأموال المهدورة نتيجة التهرب الضريبي والجمركي وسرقات الماء والكهرباء ..فهل لديك الجراءة لتعترف بهذه الحقائق ؟! خاصة وان السكوت على الأخطاء مشاركة فيها ومؤازرة صامته لها ، فكتم الشهادة على سريان الماء من تحت أرجلنا إثم كبير وخيانة للوطن .
هل تعلم يا د. العسعس أننا ابتلينا بوزراء يظنون كل الظن أنهم خلقوا ليقودونا وتنّمروا علينا ليمثلونا ، ولتعلم الحقيقة واعلمها لاصحابك من الوزراء ورئيسك الرزاز أن المواطن الأردني يبحث عن كرامته قبل التفكير بمعدته....وله في رسول الله أسوة حسنة الذي كان يشد الحجارة على بطنه فيما الجوع يُقطّع أمعائه ومعه خيرة خلق الله من الصحابة....صبروا و تصابروا حتى دانت لهم الدنيا و اطاحوا بكسرى و جاؤوا بتاج القيصر.
ولتعلم ايضاً أنت بحكم منصبك الوزاري أن الأردني لا تقف مطالبه عند ملء كرشه،بل همه ان تكون دولته دولة مؤسسات ويعيش في امن و آمان... الأردني يريد دولة يسود فيها القانون ويكون الجميع سواسية، لا يتفرعن احد على احد ولا يضيع حق الصغير....الأردنيون يريدون مشاريع اقتصادية كبيرة تمتص البطالة ولا يريدون عنتريات فارغة ...يريدون اصلاحات شاملة لا بطولات دونكيشوتية....يريدون ان يقف الشباب كافة في طابور واحد أمام الوظائف العليا لتعم عدالة تكافؤ الفرص...يريد الأردنيون ان يتساوى أولاد الحراثين بأولاد الذوات في العمل بالسفارات ولا تقتصر على الشلل النخبوية. .يريدون ان يجد المؤهلون إمكانهم اللائقة ولا يفكرون بالهجرة بعد ان أصبحت البلد جنة لأبناء النخبة ومقبرة للمبدعين.
أخيراً نصيحة يا معالي وزير التخطيط ..للخروج من مأزق حكومة الرزاز التي لم تقدم شيئاً في المشهد الأردني، نرى أن المفتاح الذهبي لحل جميع المشكلات التي تتعلق بها وبذيولها لا يكون إلا بحلها .. بمعنى ان الحل بالحل.

---